زلزالي سوريا وتركيا: سقوط المباني أم تهاوي الأخلاق؟

107

زلزالي سوريا وتركيا: سقوط المباني أم تهاوي الأخلاق؟

عبدالعليم مبارك

 

بربكم ما الذي يحدث؟ كيف لكارثة بحجم زلزالي تركيا وسوريا أن تُلاقى بهذا الاستهتار الشنيع من طرف بعض من يسمون أنفسهم بمؤثري السوشيل ميديا فما إن وقعت الكارثة حتى خرجت هذه الجرابيع من مخادعها لتستغلها في تجديد محتوياتها، وأي تجديد؟ التنكيت والضحك على معاناة ومآسي المنكوبين؟ هل بهكذا محتوى نستقطب المشاهد ونضمن متابعته وولاءه؟. تتعرى صورة بعض اليوتيوبرز يوما بعد يوم وتتكشف حقيقة مستواهم الأخلاقي، التعليمي والثقافي، الذي يؤثر بالسِّلب على المتلقين خاصة إن كانوا من فئتي الأطفال والمراهقين، ما يجعلني أتساءل : ما الذي يمنع من أخلقة فضاء مواقع التواصل الاجتماعي، أو فرض شروط تتعلق بالآداب ومراعاة الذوق والصالح العام، فمن غير الممكن أن – أنت يا صاحب المحتوى التافه- تشبه هزة أرضية حقيقية قضى فيها أكثر من ثلاثة وثلاثين ألف ناهيك عن الجرحى والمفقودين وحجم الخسائر المادية المهولة التي تكبدها البلدان الشقيقان- أن تشبهها – بهزة سريرك انت وزوجتك في الليل والباقي انتو عارفينوا، حقيقة اللي “اختشو ماتوا”، هذا ما يُمكنني أن أصف به درجة الانحطاط وغياب الوعي لدى الكثير من صانعي محتوى السوشيل ميديا.
وغير بعيد عن الاقتيات والاستثمار في مآسي ضحايا الزلزال، كان للعديد من الفنانين تخبيصاتهم، بين من واصل يومياته على السوشيل ميديا بشكل عادي، وبين من ألغى حفلاته الفنية وهم قلة القلة، وبين من صرح بالتبرع بقدر معين من أموالهم لفائدة المنكوبين وبين من تبرع بعائدات حفلاته كاملة أو جزءا منها، قد يكون من الجيد التصريح بالمبلغ المُتبرع به حتى يكون هذا الفنان أو هذه الفنانة قدوة للمترددين وممن لم يحسموا أمرهم بعد بشأن التبرع من باب وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ولكن العيب كل العيب في السِّجال الذي رافق هذ التبرعات بين من يشكك في قيمة وصحة هذه التبرعات وبين من يتباهى بها، وبين أيضا من يشكك في وصولها إلى مستحقيها واتهامات هنا وهناك لا طائل ولا فائدة منها.
لن أكون مأساويا فللكارثة أيضا جانبها المشرق في توحيد شعوبنا روحيا من المحيط إلى الخليج، ليعلو صوت الدعاء لهم بالنجاة والستر والأمن على صوت وقوع المباني وصافرات الانذار، ويكتمل التضامن بقافلات وطائرات مساعدات انسانية من مختلف الأقطار العربية في هبة تضامنية كسرت حواجز العزلة والتردد، فاللهم احفظ أقطارنا العربية والاسلامية واحرصها بعينك الَّتي لا تنام.

*طرقعة

إن لم تستطع أن تبكي في مجلس العزاء فلا تضحك رجاءًا.

 

عبدالعليم مبارك
كاتب مصري

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع