خلود الشاوي/
في إحدى الرحلات العائلية وفي طريقنا إلى بغداد حيث كنا نتسابق انا واخوتي
على من يجلس قرب نافذة السيارة ليستمتع بمنظر الجِمال والخراف والعشب الأخضر
والواحات والسماء الصافية و سعة الصحراء، وفي هذه الرحلة لفت انتباهي نسر
بأرتفاع متوسط في الفضاء الواسع عند المساحات الواقعة بين محافظتي البصرة
وبغداد، نظرت إليه بلهفة وحب( لأن عالم الطيور عالم جميل وبالذات تلك الطيور
الكبيرة القوية التي نسمع عنها ولا نراها) وبنفس الوقت كنت خائفة منه ولأني
أعلم أن هذا الطائر يمتلك قوة بأستطاعته أن يأخذني من بين عائلتي حيث كنت في
الثامنة من العمر آنذاك، أضحى الخوف يراودني من فقدان الاهل فامسيت متأثرة
بافلام كارتون (ساندي بل) و(سوسن) وتخيلات الطفولة وكيف أن (نيلز) كان يعيش مع
سرب طيور . تخيلات الطفولة التي تجعلنا نعيش بأكثر من عالم في لحظة واحدة..
استمرت الرحلة وانا مستمتعة بالنظر إلى النسر …. برهه وجدت غرابا اعتلى
ظهر النسر، فاستغربت الأمر، وكرهت النسر….. كيف يعتلي صديقي القوي هذا
الغراب !! وهل النسر خانع لهذا الوضع؟!
المسافة طويلة شعرت بالنعاس من اهتزاز السيارة المستمر بسبب تعرجات الطريق
والمطبات التي فيه. غفت عيناي حتى وصلنا بغداد … لا أعلم ماذا حدث ومن
انتصر في نهاية المطاف رغم عشقي للنسر، لكن ألم المنظر ظل يراودني ويقلل
من شأن طائري القوي صديق سفرة ذلك اليوم…
لم تكن هناك وسائل تواصل اجتماعي… وبعد مدة من الزمن كنت اتصفح إحدى
المعلومات في عالم الحيوان وهو العالم الذي اكتب فيه حاليا للاطفال… تذكرت
ذلك المنظر وكأنه سلسلة من الأحداث مرت كشريط فلم مع مجموعة من الذكريات
الجميلة في تلك الرحلة الممتعة، سالت غوغل عن علاقة النسر بالغراب. وهل
تجمعهم صداقة؟ فوجدت صديقي النسر قويا حتى في رده لمن هم أقل منه شأنا
وقوةً. فهو لايقتل الضعفاء من الطيور بل يدعهم يعتلونه، ويرتفع عاليا ويحلق
أعلى وفي آخر المطاف يقل الاوكسجين في الطبقات العليا فيهوى الغراب من على متن
النسر دون عناء حتى أنفاسه الأخيرة
….
اذا… كُن كالنسرِ بأفعالِك