حُوريات الصّباح

156

تغيّرت الأشياء ، ولم يتغيّر شيء ،
سنابل الأمل تناثرت في مناجل السّـراب
السكينة غُرقت في التّيه بلا هُدى
مُخلِّفةً وراءها فراغـاً هائلاً ،
وهدوءاً حزيناً ،
التراتيل الآتية من عُمق المآســـــــــــي
تراكمت كأمواج الحنايا بين السطور ،
وتوارت برهةً بريح الـزّوال ،
النهـار هو الآخر توارى في رتابةٍ مُقلقة
واستكان في مسغبة الغروب ،
الظّلال الوارفـة جنحت لسماسرة الحروب ،
كل شيء من حولي سراب ،
لا صوت ، لا حياة
لا أرض ، لا سماء
ضيّعت وجهتــــــي ،
ومساراتي الذهبيــــة ، تشبّثت بغيمة التماهــــي
مشيتُ وسط الضباب الكثيف
أسير وراء شيء مُبهم القسمات
كل شيء أراه غامضـاً ، وهلامِيّاً
ولست بقادِرٍ على تغير بوصلتي ،
او تغيـــر مسارات الأقـدار ،
أتدحرَجُ وحيداً في فـراغٍ مطبق ،
كريشة أعتدّت التسلّق في مهب الريح
تتقاذفها الرياح يميناً ويســـــــــــــــرة
وعلى حافة ضوء الشــــــــــــوارع
المُكتظّة بالزنابق الخرافيـــــة
والمُجرّدة مــــن الجمال
أنطفأت الإبتسامات ،
أُناسٌ يتناحرون
وآخرون ينتحرون
كلٌّ يسير إلى حتفه
تارة بإسم الديــــــــن
وأخرى بإسم السياسة
أجنحة الفراشــــــــــــات
المُحملّة بقبلات الـــــسلام
تكسّرت تحت سُيوف الفوضى
ومجنزرات الدبابات
تعزف قِيثارة الصباح بصمت
والألحان المأســـــــاويّة
تبحث عن وجههـا
تحت مغيب الضفائر
وحده القمـــر شاحب مثل وجهي
يقف على صفيح ساخن من الجمــر
يغوص في غابات العُتمـة
يجرُّ خلفه أضغاث أحـلام
ونجوم باهِتة ، وهزيلـة الضوء
تُنيـر الحياة ،وتمنح الأرض معاني التفاؤل ،
وتنعشها بأغنية الصبـــــاح
ترأف لضحايا الأرض
تُراقب تحركات الطُّغاة
واقفةً على رصيف السماء
تتوجّس الشوارع الصاخِبــــة
والمزدحمة كالمرايــا المُبعثَرة
وتنـام بمعـزلٍ عن المهزلة الدامية لبني البشر
الأمل عند أطراف الغسق أيضاً وحيداً
لا يـزال ينتظـر ميلاد حوريات الصبـاح

جمال العامري

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المقالات