حوار مع الكاتبة والأستاذة فوزية خليفي من ولاية باتنة/الجزائر

حاورتها: الأستاذة سامية بن أحمد

545
حوار مع الكاتبة والأستاذة فوزية خليفي
من ولاية باتنة /الجزائر
حاورتها: الأستاذة سامية بن أحمد
س1/من هي الأستاذة فوزية خليفي ؟
ج/ دعيني قبل أي شيء آخر، العزيزة سامية، أشكركِ على حسن ظنك الدائم والقديم بي، وتجاوزكِ الدافئ عن كل دعوةٍ للقاءٍ أو مسابقة أو ندوة أدبية وجّهتِها بمحبةٍ لي، واضطرتني الظروف ومشاغل الحياة للاعتذار عنها.. لست أدري حقا كيف يمكنني شكر طيبتك ورقيّ أخلاقك وكرمك معي.
هذا أولا، أما ثانيا، فدعيني أمدّ يدي لصفة ” كاتبة” تلك التي بالعنوان، لأسرّحها بعيدا فتذهب لشخص يكون جديرا بها، ما أنا إلا مجرد هاوية، عاشقة للكتابة، لا تتجرأ مطلقا على تصنيف نفسها تحت أيٍّ من تلك المسميات.
لو صحّت المهنة للسيرة الذاتية، فأنا أمتهن تعليم اللغة الإنجليزية، أظن الأيام قد قيّدتني بهذه المهنة للأبد، لا يعني ذلك أني اخترتها، ولكن الاستقلال الإقتصادي مهم جدا للمرء، وعلى رأي فيرجينيا وولف ” لا بُد للمرأة إن رغبت بالكتابة من وجود راتب مستقل، وغرفة لها وحدها”.
س2/من أين كانت البداية في عالم الكتابة؟
ج/ لا يمكن أن يوجد لكتابة القصة بداية؛ الحكايا تعيش فينا منذ البدء، نكبر برعاية قصص الجدات والأمهات، ثم نحترف اقتناص المشاهد العادية من حولنا: ورقةُ تصفرّ وتسقط بفعل الخريف فتجرفها مياه الشارع، أو تعلق بنعل طفل يركض
سعيدا..تجدين نفسك متعقّبة لمسيرة الورقة، وإن اختفت عن ناظريك، انبثقت في خيالك لتسلكَ مجرى مختلفا قد يوصلها إلى أكوان عجيبة موازية…
هكذا فجأة..نبدأ بكتابة أول قصة، بينما تكون قد عاشت لزمن طويل فينا قبل ذلك.
س3/قلمك باذخ الكاتبة فوزية خليفي في القصة ولك عنصر التشويق، ماهو شعورك عند الإنتهاء من سرد قصة ما؟
ج/ شكرا لثنائك، صديقتي، أحب الكتابة، تشعرني بأني أعيش حيوات أخرى كثيرة..
أقول هذا بتجرّد من أي غرض قد يضعه الآخرون لأنفسهم وهم يكتبون مثل إحداث تغيير بالناس، أو ” هدايتهم”! ..أكتب للمتعة وحدها، لا غير. وفي كل مرة كتبت فيها شيئا، اجتاحني شعور طاغ بالخلاص، لا يطول كثيرا للأسف، فسرعان ما يعقبه القلق وعدم الرضا من مستوى النص، وما إذا كان ينبغي أن أكتبه بشكل أفضل.
س4/ نريد أن نقرأ لك فماذا تختارين لنا؟
ج/ لا أدري، في الحقيقة بعض النصوص قريبة من روحي بشكل خاص، ربما يكون نص “
ابتسامة” أحدها.
..لديه ابتسامة ” عارضة”، تسرق لسحرها مكانا بين حشد كلامه، فتتسرب من بين صلب
نقاشات السياسة وترائب الاقتصاد ..
لتجلس في الصف الأول، على شرفة شفتيه،
وتأسر قلبي…
تلك الابتسامة لها رقم بين عديد ابتساماته، لا تباغتني إلا حين أنسى، لشدة انشغالي بحديثه، أنها موجودة!
لها مواعيد متباعدة، تأتي لتفضح حضور بديهته الخارق؛ فهو يبتسمها ( يقترفها كأروع الكبائر..)، حين يدرك كيف أني أتابعه باهتمام تلميذة لأستاذها، في آخر مراجعة قبل امتحان مصيري..بينما يكون ذلك الجزء المنشقّ عن عقلي، المتخذ هيئة قلب أحمر…منشغلا بالنظر مطولا إلى فتحة صدره عند زر قميصه الذي نسيه مفتوحا، أو بمداعبة أطراف أنامله وهو يحرك يديه بأناقة، خلال حديثه..
تلك الابتسامة، تضبطني بفعل تخيل استراق قبلة خجلى، الفعل الفاضح في وضح نهار ذكائه !!!
إنها تكشف نية أفكاري، في حشر بياض سنواتها الغضة، داخل ثوب نوم أسود شفاف،
ضيق جدا وقصير .
ابتسامته تشم عبير الورد الذي أحلم بصباحات، أسقيه فيها وأنا أدندن ذكرى لحن، سهرنا نسمعه معا، و قهوة أعدًها ليصحو على رائحتها، كأجمل من يصحو ، وأغلى من يشرق على الدنيا، قبل الشمس بفارق حب…
تلك الابتسامة تفهم، مع أنه لا يسأل، وأنا لا أجيب..
تلك الابتسامة، تجعل روحي تعود لتُبعث، من جديد، في أزمنة قادمة، في أشكال أخرى..
بعضها أني أُبعَث سنبلة، بمائة حبة..
والعشق يضاعف لمن يشاء..
بقلم الكاتبة فوزية خليفي/باتنة
س5/ لأنك كاتبة وأستاذة في اللغة الإنجليزية هل فكرت بترجمة أعمالك؟
ج/ بصراحة، ترجمتُ بعض القصص عن الإنجليزية والفرنسية، كنت قد قرأتها وشدتني، لكتّاب أمريكان أو من أي مكان بالعالم، منشورة هنا وهناك بشكل متفرق في مجلات عربية، ومواقع الكترونية، لأني أحب ذلك ..يعني دون تفكير باحتراف الأمر، أما
ما أكتب شخصيا، فالأمر يحتاج أن أتطور أولا وكثيرا قبل التفكير بترجمته.
س6/ هل أعمالك الأدبية نالت حقها في الإعلام والنقد الأدبي؟
ج/ صدرت المجموعة الأولى ” المقعد الأحمر الوثير” سنة 2017 عن دار المثقف، ثم كتاب نصوص بعنوان ” مزاج الريح” عن دار المعتز بالأردن في طبعة أولى، ثم في طبعة ثانية عن ” دار أجنحة” بقسنطينة لصاحبتها الكاتبة القديرة نوال جبالي،
وأشكر إيمانها بي ودعمها الكبير ومحبتها. وبعده كانت المجموعة الثانية ” ڨمرة” عن نفس الدار، في انتظار التسويق.
المجموعة الأولى حصلت على النزر القليل من القراءات النقدية العربية المختلفة، وتم إنجاز رسالتي ماستر عنها. مثلما تعلمين، الوسط الأدبي بوطننا يعرف ركودا كبيرا، وعلى من يتقدم لنشر أعماله أن يباشر بنفسه الإعلان والإشهار لأعماله
على مختلف وسائل التواصل وغيرها، بينما يقوم بمهام الدعاية والتسويق وتنظيم اللقاءات وجلسات التوقيع، مؤسسات كاملة مختصة بالأمر في بلدان أخرى، تأخذ بيد الكاتب منذ أول لحظة يمسك بها قلمه حتى بلوغ النص لقارئه، وما يترتب عن ذلك بعده من نقد يخدمه. واقعنا بائس ولا نملك سوى أن نبقى على قيد أمل في أفق أجمل.
س7/ ماهي الحكمة التي تؤمن بها الكاتبة فوزية خليفي؟
ج/ لا أدري، أظن وجودنا نفسه حكمة خفية، نكتشفها كلما أوغلنا في اقتراف الجمال، نتعلم كل يوم شيئا جديدا يجعل منا كائنات أفضل، كل يوم هو فرصة جمال متجدد.
س8/ هل هناك كلمة أو رسالة توجهينها للكاتب المبدع؟
ج/ أحب فقط أن أقول بأن قسوة الواقع لا ينبغي أن تكون شماعة نعلق عليها ساعات الفشل والإحباط؛ ينجح الناجحون بالمثابرة، والإيمان بالذات وبالحلم.. والبقاء للنص الأفضل مهما امتلأت الآفاق بفقاعات لنصوص دون المستوى.
وختاما ألف شكر ومحبة لك سامية بن احمد، الصديقة الرائعة، دائما.
***
الحوار تحت اشراف وإعداد الشاعرة سامية بن أحمد
من الأوراس الجزائر بتاريخ//27فيفري 2021
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المقالات