جنون حنين

532

جنون حنين
المايسة بوطيش

 

كم أتوق لاحتساء فنجان قهوة في حديقة
مع من أحب، نتبادل الحديث ونحيي الذكريات
ونطفئ نار الشوق التي من لهب،
ولتستكين القلوب الذي أنهكها السّهر والتعب،
ونتبادل أسمى مشاعر الحب؟

كم أتوق للسير مع ظلي،
في شوارع مدينة أين يمكث فيها خلي،
وهي تتجلى بحلتها البيضاء،
وأتغنج بخطاي لأشاكس قلبه الثلجي، عن كثب؟

كم أتوق أن نشعل فتيل الذكريات
و أرسم اسم عزيز لم يعد، على بساط الثلج.
كم وكم وكم… اللهم هوّن ثم هوّن لقد
هزمني الحنين والهوى غلاب، وقد اشتقت جم؟

كم أتوق أن أسير في شوارع مدينتي القديمة،
والتقى بحرة تذكرني بهيبة الرجال،
وبسمة تلك الحرة، الجميلة،
وبزميلات وزملاء الطفولة واللّعب
دون هوادة، ونختفي كالبرق لصوت الرجولة؟

أنا الحالمة وقلبي من زجاج ولم يشيخ يوما
وليزال طفل،
سأتابع الحلم وأجوب شوارع مدينتي البكر
ولو في الحلم، لن أكلّ ولا أمل لرسم
تلك الجدائل الليلية الراقصة على الخصر،
والأنامل الذهبية التي تغزل اللبّاس التّقليدية
بوبر الإبل وصوف الغنم، ذات زمن؟

أحن لتلك العيون، و رنة الخلخال الذي كان يسكر القلوب
ولو كانت صلبة مثل الجبل
و إلى ذاك الوشم الذي بقي شامخا شموخ
الهضاب العليا والشّرق،
يتباهى على الكاحل والمعصم و الحنة تجمّل اليد؟

كم أحن وما الحنين إلا جلادا آسرني على غفلة،
حنين مجنون، حين رأيت مدينتي البكر تتغنج بحلة الثلج؟
وأني أشعر أني على عتبة الجنون،
أن لم ألجم مشاعري العاشقة لفصل الربيع والثلج
وأضع نقطة النهاية أسفل النص وفي آخر السطر،
سنسافر حتما سويا وسيسرق الحنين
من بين أهداب العاشقة النوم،
التي مثلي، تحن؟

ألا تحن، يا عابث بحلمي الوديع
وقد إدعيت أنك حبيبا و عاشقا منذ زمن بعيد،
ألا تحن لمن سكنت منذ سنين المهجة،
أم هي مجرد رقصة علي الحبلين أو لعبة في يد
مراهق طفل،
أم أن الحب فيك شاخ و صار كهل؟

المايسة بوطيش، عين البنيان الجزائر العاصمة

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع