تأملات:اغرس حبات الأمل

201

كل الحبال، ستقطع إلا حبل واحد متين، إلا حبل موصول بالسماء ؛ إنه حبل الله، و حبل الثقة بالله، و حبل الثقة في نصره و وعده .

إن الثقة بالله تبعث في النفس العزة ، بذل الإنحناء ، تبعث في النفس الرفعة بذل الانكسار ، ثقة تقوي الضعف، ثقة ترفع الهمة، فلا تخشى بعدها القيل و القال ، هي ثقة معززة بالوحي الذي نقرأه ليلا و نهارا ( الذين قيل لهم.. إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ) ولكن ميزان الثقة عندهم ؛ فقالوا بعزة الواثق بالله:( حسبنا الله ونعم الوكيل) ..( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء) .
إن هذه الثقة نستلهمها من الحكم و الأشعار
فاشدد يديك بحبل الله معتصماً * فإنه الركن إن خانتك أركانُ
[مجاني الأدب في حدائق العرب: 1/8].
فمهما خانتنا العوامل، و وقفت عند بابنا الأعاصير، فإن كلمة واحدة فقط تفك تلك الأبواب الموصدة،، تبعث في نفوسنا القوة، يكفي أن نقول بثقة ( إن الله معنا ) .
لهذا وجب أن نشرع أبواب الأمل ، و نفتح أيدينا و نحن نقول سلمنا أمرنا إليك ربنا، فأنت أدرى بحالنا و ضعفنا و هواننا، فأنت وحدك ربنا من يفك ضيقنا، و يقوي عزمنا.

فهيا أخي نحيي الأمل، نغرس بذوره بين الناس، و لا نطرق السمع للهواجس ، هيا نحيا حياة اليقظة، فنبعث الوعي و الصحو بين قومنا ، فالخير باق في شرايين الأمة لن يموت ، إن الحياة تنتظر من يحملون شارات الخير، و بشارات الأمل، من يحملون الرايات المرفرفة .

كتبت منذ مدة هذه الخاطرة من نسق النثر الفني أحاكي واقعنا المؤلم بكلمات عفوية تبعث فينا بواعث الأمل، خرجت دون مشقة أتلمس خيوط الأمل المتشابكة في مسرح الأحزان
أقول في كلماتها المرسلة:

لولا الأسى و الأحزان و الأشجان
و لولا البؤس و الحرمان
و الجوع و الضما
و السهر و الأسى
لولا المعاناة و التعب و الشقاء
لولا الأنين و البكاء
ما نما الإبداع يوما أو سما
أو كان للشاعر نظم للقوافي
أو كان للكتاب رسم قلم
فيخرج من حبات الرمل القصائد
و من أوجاع أيام ألحانا و خواطر
و يخرج من ويلات الحروب شعرا و ملاحم
وجدت الأمل يولد من رحم المعاناة
و كل انفراج ينتش من رحم الأزمات
و أن الضيق يولد الانفراج
فأنر شموعك سيدي و اغرس حبات الأمل
إن استطعت فاغرس في كل ركن زهرة
و اغرس في كل روض حديقة شجرة
و في كل شرفة بيت نبتة لبلاب متسلق
في كل صفحة من دفاترك اكتب قصة حب
حينها سيقرأ الزوار رسائلك
و سيحمل الطفل القلم و يرسم زهرة .
و سيقوم الشاب من نومه يحمل معوله
و يعود للقلب نبضاته
و يعود للشجر المورق أوراقه .
و يزول الخطر بإقبال النهار
و سترسم على كل وجه صبوح ابتسامة أمل .
اقتطفت من حدائق الأشعار كلمات تزرع الأمل
إِنَّ للآمالِ في أنفسِنا . . . . لذةً تنعشُ منها ما ذَبلْ
لذةٌ يحلو بها الصبرُ على . . . . غَمَراتِ العيشِ والخَطْبِ الجللْ
ثم يقول آخر في الأمل
شيء إليك يشدني لا أدري ما هو منتهاه
يوما أراه نهايتي و يوما أرى فيه الحياة
آه من الحزن الذي ما زال يؤلمني يداه
آه من الأمل الذي ما زلت أحيى في صداه

الأستاذ حشاني زغيدي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المقالات