النص وسؤال الحقيقة للدكتور ماجد الغرباوي .. قراءة في عنوان

430

النص وسؤال الحقيقة.. نقد مرجعيات التفكير الديني، هو عنوان كتاب صدر حديثا للدكتور ماجدالغرباوي رئيس مؤسسة المثقف العربي، يندرج كما يقول كاتبه ضمن مشروع نهضوي طموحلاستعادة وعي الفرد، بعد نقد العقل الديني ومرجعياته المرتهنة في معارفها لقدسيةالتراث وأوهام الحقيقة، بعيدا عن المناهج العلمية والكشوفات المعرفية الحديثة. فهوكما يقول يبحث في كيفية اشتغال النص وفرض حقيقته ومحدداته، خاصة التبسا المقدسبالمدنس، والديني بالبشري ، كما يهدف الموضوع إلى استعادة الوعي من أجل نهضةحضارية تستعيد بها الإنسانية قوتها ومن خلالها تستنشق رحيق الحرية

ليس بمقدورنا الإطلاع على مضمون الكتاب ولكن من خلال العنوان نلاحظ أن المؤلفسلك منهج العديد ممّن خاضوا في مثل هذه القضايا والإشكاليات، لاسيما مرجعياتالتفكير الديني، والخطاب الديني، وإعادة قراءة النص الديني وتحليله، وقضايا أخرىتتعلق بتحرير العقل العربي والإسلامي، بعيدا عن سطوة التراث وسيطرة الرموزالدينية، هذه الإشكاليات قد تتحول إلى ثورة،  نقول ثورة دينية لتنبيه البشرية كلها، لا نقولالعرب والمسلمين ولا المسيحيين أو اليهود، لأن التفكير الديني مرتبط بالنص الديني،وهذا النص يختلف في مضمونه من دين لأخر، فما تراه اليهودية مثلا مباحا تراهالأديان الأخرى محرما، كما قد نجد في النصوص الدينية قاسما مشتركا في بعض القضايا،خاصة وفي ظل سيادة نزعة التديُّن، تواجه البشرية اليوم معركة العقيدة في عالممتحضر، أصبح الإنسان  ( الغير متدين)لايؤمن بالتراث ويرى أنه لا جدوى من الإنشغال بالأمجاد الضائعة، لأن العولمة تعملعلى خلق شعوب عالمة، أي شعوب بلا هوية ولا انتماء وبلا عقيدة، قد تجبرها وبأسلوبحضاري على الإنفصال عن كتبها المقدسة .

الصراع اليوم ليس صراعا بين المثقف والسلطة، فقداندمج هذا الأخير في السلطة، وأصبح ينفذ ما يمليه عليه أصحاب القرار، الصراع اليومهو صراع بين المثقف والكنيسة، صراع بين المثقف والمسجد، هو صراع بين الديني واللاديني،  كيف نفهم هذا الأخير كيف يفكر وكيف يمكن إقناعهبوجود إله خلق هذا الكون، كيف يمكن أن نحاوره؟،  إن رجل الدين أو رجل السياسة أو المثقف هو رجليملك جانبا فكريا وثقافيا ودينيا، والأمر ليس بالسهولة والبساطة عندما يرتقي واحدمن هؤلاء الثلاثة (رجل الدين ورجل السياسة والمثقف) في سلم الحقائق، وبخاصةالحقائق الدينية و الإجتماعية والنفسية، وقد ذهب الدكتور محمد جابر الأنصاري فينقده واقع العقل العربي إلى أبعد الحدود، لدرجة أنه لامس الخطوط الحمراء، وكسّر كلالطابوهات بجرأة وشجاعة عندما شرع يبحث عن الحقيقة والتعامل مع المنطق والواقع، وقدوضع كل أفكاره وتصوراته في كتاب تحت عنوان: “رؤية قرآنية للمتغيراتالدولية”، أراد به أن ينير الطريق لفكر متنور وبعقلية المفكر العصري المفتوح.

والساحةالدينية كما يقول المفكر الجزائري محمد أركون لا يمكن أن تنفصل عن الساحات الأربعوهي الساحة الفكرية، السياسية، الاقتصادية والثقافية، كون هذه الساحات الخمس تشكلكلية الفضاء الاجتماعي، والدين أو الأديان في مجتمع ما، عند محمد أركون هي عبارةعن جذور، فلا يمكن لأيّ باحث أو مفكر أن يفرق بين الأديان الوثنية وأديان الوحي، ويرىأن التفريق أو التمييز هو عبارة عن مقولة تيولوجية تعسفية، كما يرى أن النظرة العلمانية للأشياء وللنصوص الدينيةتعلن بأنها تذهب إلى أعماق الأشياء، إلى الجذور من أجل   تشكيل رؤيا أكثر صحة وعدلا ودقة، ويذهب المفكرالجزائري محمد أركون بالقول:  لا نريد أننقلب كل شيء رأسا على عقب، وإنما نريد أن نعيد النظر والتقييم لكل شيء من خلالنظرة أخرى جديدة، ليس بالضرورة أن تكون هذه النظرة نقدا للمرجعيات، وإن كانت أفكارمحمد أركون قد تختلف مع أفكار رجل الدين، فهو يؤكد موقفه بأن كل الأديان قدمتللإنسان ليس فقط التفسيرات والإيضاحات، وإنما أيضا الأجوبة العملية القابلةللتطبيق والاستخدام مباشرة فيما يخص علاقة الإنسان بالوجود والآخرين والمحيطالفيزيائي.

أما مالكبن نبي فكان له رأي آخر، فهو درس الإشكاليات من منظور هندسي إذ يقول: إذا رسمناالخريطة ألإيديولوجية نجد عليها لون المجوسية أو لون الديانة الفارسية (إيران)، ولونالبوذية والبرهمية أو الهندوكية كما يسمونها، والمسيحية واليهودية، ونقطة مغمورةفي الكون هي مكة نقطة الإسلام، ويضيف: لو أردنا أن نرسم خريطة جديدة للإسلام، نجدأن البوذية قد شطب عليها قلم ماوتسي تونغ، فمحاها من الوجود، أما المجوسية فقدمحاها عمر  يوم القادسية،  أما البرهمية فقد محتها ظروفها الخاصة دينا لاثقافة، فهي كتراث ثقافي ستبقى إلى أجل لا ندرس مداه، مع تجنب التكهنات، وأما كدينفقد انتهت وانتهى دورها.والمسيحية مرت بتطورات غريبة وأصبحت تعاني  من مشكلات تعبر عن ظروف خطيرة، بمعنى أنالمسيحية بدأت تفقد المبررات لمعتنقيها لاسيما الشباب والمرأة، يبقى اللون الإسلاميفي الخريطة الإيديولوجية وهو يمثل الخط الموازي كأنما الله يهيئ القاعدة التاريخية الإجتماعية لتحقيق الآية الكريمة منسورة الصف: (هو الله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهر على الدين كله.
قراءةعلجية عيش– كاتبة وصحفية جزائرية

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

آخر المقالات