المُجَدِّدُونَ و المُحَافِظُونَ مِنَ التّاريخيّة إلى التّوْصِيف
(قراءةفي مناظرة بين الد/خليل أحمد خليل و الد/ محمد علي الكبسي)
المُجَدِّدُونَ و المُحَافِظُونَ مِنَ التّاريخيّة إلى التّوْصِيف
هل يمكن للإسلام أن يعولم الأديان و يجمع البشرية كلها تحت سقفه؟
(قراءةفي مناظرة بين الد/خليل أحمد خليل و الد/ محمد علي الكبسي)
علجية عيش
إشكاليةالمثقف و علاقته بالسلطة و كيف يمكن تحقيق التوازن بينهما و الإنسجام، إشكاليةيتكرر طرحها بين المفكرين و المنشغلين بقضية المثقف و دوره في صناعة الرأي العام ومواجهته الصراعات، أولا الصراع بينه و بين السلطة، و صراعه مع العولمة التي بدورهاتعيش صراعا مع العربنة و الأسلمة و ماهي الموارد التي يملكها المثقف لمواجهة الآخربعيدا عن التعصب الفكري و خلق انسجام بين ما يسمونهم بالمجددين و المحافظين، في ظلالتحولات السياسية، الإقتصادية و التكنولوجية الثقافية التي يعيشها العالم بأسره،و لذا بات من الضروري إقناع السلطة بأن رسالة المثقف ليست المدح و الثناء والتمجيد و التطبيل و التبجيل و التزمير للحاكم و لأرباب المال ، بل رسالة المثقفالحقيقي تكمن في توسيع المدارك العقلية و التنبيه لإحتياجات البشر الطامح نحوالكمال من خلال المشاركة الفعالة على كافة المستويات و التعبير عن رايه و هويتهطالما يشكلان إشكالية قصوى ضمن فسيفساء الخطاب الثقافي
هو حوار أو هي مناظرة دارت بين مفكرين هما الدكتور خليل أحمد خليل والدكتورمحمد علي الكبسي حول مكانة المثقف في الألفية الثالثة و هي إشكالية تطرق إليهاالعديد من الباحثين الذين تناولوا في بحثوهم قضايا الثقافة و علاقة المثقف بالسلطةتحت عناوين مختلفة في إطار حوارات القرن الجديد، على غرار المناظرة التي دارت بينالدكتور غريغوار منصور مرشو و الأستاذ سيد محمد صادق الحسيني تحت عنوان: “نحنو الآخر” و المناظرة التي دارت بينالدكتور برهان غليون و الدكتور سمير أمين تحت عنوان: “ثقافة العولمة و عولمةالثقافة” هي قضايا افرزتها المتغيراتالمتسارعة في عصر العولمة و ثورة المعلومات و الإتصال، تسعى فيها القوى الكبرى سلبهوية الآخر و ثقافته، قضايا طرحت فيها عدة تساؤلات لمعرفة ما الداخل و ما الخارج؟ما الأنا و ما الآخر؟ و ما نطاقهما في الزمكان، خاصة إذا كان الأنا عربي و الآخرعربي أيضا و ليس الآخر الأجنبي وسط ما نلاحظه من صراع و حروب بين الأنظمة والحكومات العربية و تقاتلها فيما بينها تحت غطاء طائفي و هي في الحقيقة صراعاتسياسية من أجل السلطة.
ما لم يتطرق إليها المحاوران هو دور المثقف فيعملية التغيير و هل تكيف هذا الأخير مع الحداثة في كل أشكالها، هذه الحداثة التيلجأت إلى العقل من أجل الخروج من عصر الظلمات، و الأمة العربية اليوم أمام تحديات لتحقيق وجودها أو استعادته، و كماقال برهان غليون إن كانت العولمة ارتبطت في بداية ظهورها بعالم الإقتصاد و عالمالمالبشكل خاص فهي اليوم اقتحمت عالم الفكر و الثقافة لإلغاء الفكر العربي قبل انيطرح سؤال إن كانت العولمة تعني الهيمنة العالمية أم هي دينامية جديدة تتيح الخروج من الهيمنة و تفتح الباب أمامالشعوب الفقيرة التي عانت من آثارالإستعمار، فقد رفع المحافظون و المجددون أصواتهم ليقرر المثقفون العرب إن كانوايرضون بما سماها الدكتور محمد عابد الجابري، و من سار في فلكه حين حاولوا الإجابةعلى سؤال إن كانت المسألة تنحصر في الحفاظ على الموقع أو البحث عن موقع جديد؟، وهل هناك تخوف من تعثر المثقف نتيجة عسر استيعابه العولمة؟.
ففي ظلالتحولات السياسية، الإقتصادية و التكنولوجية الثقافية التي يعيشها العالم بأسره ومواجهته للغزو الوبائي الذي فرض سلطانه على عقول البشر و الأنظمة، يمكن القول أن العولمةوباءٌ مثلها مثل جائحة كورونا انتشرت و أسقطت الحدود ، جعلت الكل يتصارع ضد الكل، هذاالكل الذي رضي بالموت البطيئ، و لذلك نجد العالم ينتحر و لا يدري إن كان انتحارهسيبعث أمما جديدة، و سيعود كما تعود العنقاء، أم أنه فني فناءً كليا شاملا، لاعودة له ،أي انها نهاية الكون ، ليس بسبب الوباء فحسب و إنما بسبب الحروب الأهلية التيتقودها التيارات الطائفية، هذه الأخيرةالتي ساهمت في جعل الغرب المنتصر الأول، فكرا و ثقافة و ممارسة لضمان استمراره، فقداستثمر الفكر الغربي ما يحدث في العالم العربي الذي أغرق نفسه في حروب أهلية، فوضعترسانة من المفاهيم و المصطلحات و التصورات كمفهوم “الإسلاموفوبيا” و”الأصولية” مستغلا في ذلك ظهورالجماعات الإسلامية المسلحة فحاول الترويج بأن الإسلام دين عنف و تطرف و أن الفكرالعربي عاجز عن التحرر و التطور، و أنه دين منغلق على نفسه فلا يؤمن لا بالحداثة و لا بالعصرنة، و لم يؤسس لنفسه منظومةفكرية، تاريخية، سياسية، تربوية ، دينية، اجتماعية و منظومة ثقافية، و عجز عنمواكبة الحداثة ، لأن التنازع داخل الإسلام كان بين أهل الثقافة الحرة و أهلالثقافة التابعة، فانغلق على نفسه فانهار.
فالصراع هنا كان و لا يزال بين المحافظين والمجددين الذين وصفوا بالمعارضين للسلطة ويطالبون بتحرير المجتمع الغير متشكل من القيود التي تفرضها الأحزاب ، هي معركةتبحث لها عن مثقف ثوري فكرا و ممارسة، نشير هنا أنه لا يعني بالممارسة حمل السلاحفي وجه هذا و ذاك، بل أن يجعل فكره هو الغالب و المنتصر فلا يكون ابن ثقافة محكومة،بل مثقف يقود و لا يقاد، سؤال آخر يفرضنفسه هو : هل يكفي الحوار وحده لجعل السلطة تابعة للنخبة، للإجابة على هذا السؤال،يمكن القول أن تواجد المثقف داخل البرلمان بات أكثر من ضروري، لتغيير الأذهان والرؤى و طرح تصوّرا يخدم المجتمع و الدولة معا، بدلا من أن يضع ثقافته و أفكارهعلى الهامش أو ينظر إلى نفسه و كأنه دخيلجاء من الضفة الأخرى.
و لتوضيح الصورة كانت هناك مناظرة بين مثقفينمفكرين هما الدكتور محمد علي الكبسي والدكتور خليل أحمد خليل ، فالأول يرى أن العلاقة بين المثقف و السلطة طغت عليهاالفوضى و هي علاقة تاثيم متبادلة و بالتالي يستحيل إنجاح هذه العلاقة، لأن كلمنهما يبحث عن إمكانية تخطي المسافة ليستخدم كل منهما الآخر، و اعتبر الدكتور محمد علي الكبسي المثقف و السلطة معا يعيشان في أحلام اليقظة وكلاهما يمارسان صراع لعبة الديكة، و عجز كل منهما أن يتكيف مع الألفية الثالثةالتي تعيد بناء العالم من جديد على نسقسريعأما الدكتور خليل محمد خليل فهو يرى أن كل شيئ للبيع في سوق العولمة، و أن سوقالعولمة وحده سيكون محرك التاريخ، إلا أن الإثنان يقفان موقف التوافق في مسالةالتنوع باعتبارها الحل السليم للإعتراف بالمحلية.
محمدعلي الكبسي: الألفية الثالثة هي جمهوربةالثقافات المختلفة
من هذا المنطلق يحاول الدكتورمحمد علي الكبسي أن يحفز المثقف على إعادة تأهيل نفسه بما يمكنه البقاء و ضمانالإستمرار في المستقبل ، و يحقق التحول الكامل في الأفق و من ثم تجاوزه الحدودالمحلية و الدولية، يقول الدكتور محمد علي الكبسي أن بناء الإنسان هم حضاريمستقبلي يتموضع داخل الفضاء المفتوح، و لو أن الكبسي حدد هوية و عقيدة المثقفحينما قال أن على المثقف أن يبرح هويته المسيحية نحو مواطنة عالمية حتى يتمكن منفك الحصار الذي ضربته عليه القوالب أو النماذج، لأن كل ألفية معرضة للإحتضار لتولدألفية جديدة، و أمام كل موت ولادة لا تهمالغرب فقط ، بل تهم البشرية و تجعلهامعنية بذلك، قد يتساءل قارئ هل الحراكالذي نراه اليوم في كل بلد عربي أو أجنبي أو كما وصفه الكبسي الحراك العالمي فاشل،عندما قال أن الحراك العالمي هو مقدمة أو إعلان عن عبثية البحث عن علاقة بين مثقفمنته بعد أن استوفى كل إمكاناته و نفذت كل محاولاته في التغيير و التنوير و مثقف آخر لم يولد بعد.
السؤال الذي يتبادر إلى ذهنالبعض هو ماذا يعني الكبسي من عبارة مثقف مُنْتَهٍ، هل يتحدث الكبسي عن المثقف المهزوم؟ أم أنه يتحدث عنالمثقفين المنفيين؟ و من هو المثقف الذي لم يولد بعد؟ بعدما أكد على مجيئه إلىالحياة حتى لو كانت الولادة قيصرية؟، في كل الأحوال، لا أحد يمكنه أن يعارض الكبسيعندما تساءل إذا كنا سنقبل العولمة أو أننا سنرفضها، إذا كان المثقف يظن أنالعولمة لم تحل بعد و أنه ينتظر قدومها تحتاج إلى إعادة نظر، لأن العولمة حاصرتهحصارا شديدا دون أن يحرك ساكنا، فهذا الموقف كما يقول الكبسي فقد مبررات وجوده منذ أن أصبح العصر عصرالفسيفسائية ( موزاييك Mosaique)، فرؤية الكبسي للمثقف مختلفة، فمن وجهة نظره هو أن مثقف القرن التاسع عشر (مثقفالنهضة) و مثقف القرن العشرين ( مثقف الدولة القومية و الأحزاب) بينهما قاسم مشتركفهما يبحثان سويا عن الإستقواء و التحديث و التحرر الوطني و التنمية، عكس مثقفالألفية الثالثة الذي كفر بكل شيئ و لم تعد هذه القضايا تثير اهتمامه بل لم تعدبالنسبة إليه شيئا ذا قيمة.
فإذا وجّه القارئ المتأمل فكرهنحو توجه الكبسي فإنه يدرك لا محالة أن مثقف الدولة و الأحزاب اكتشف نفسه، بلاستفاق أخيرا بأنه مثقف تابعٌ و ليس مثقف قائد، مثقف مقيد و ليس مثقف حرٌّ، مثقف محكوم لا مثقف حاكم، و بالتالي هو مثقفمنته ، فقد كل إمكانياته في مواجهة السلطة، و لذا نجد كمٌّ هائل من المثقفين في كلأقطار العالم العربي لزموا الصمت و فضلوا الإنزواء، يتابعون الأحداث من بعيد،مثقفون فضلوا الفضاء الأزرق على الخروج للساحة أو للميدان مع الحراكيين مكتفينبنشر “تغريدات” و الضغط على زر”الجامات” دون مشاركة فعالة،يعني دون نقد، هي طبعا تدخلات لمجاملة هذا و ذاك ليس إلا، وقد برر الكبسي موقفه منالمثقف المنته، بأن المثقف يجهل كيفية التعامل مع الألفية الثالثة التي فسخت صفتهأو جعلته بلا صفة كما سبق و أن ألغت صفة الدولة عن الدول لمّا أبعدتها كليا عنالتدخل في الشأن الإقتصادي، وهاهي اليوم ( أي العولمة) تبعد الدولة في التدخل في الشأن الصحي، بفرضلقاحات ليست من ابتكار عربي و تجريبها على البشر و كأنهم فئران تجارب، و هي بذلكقد ألغت ما يمكن تسميته بـ: “الآدمية” على حد قول الفيلسوف الجزائريمالك بن نبي.
يقول محمد علي الكبسي: لا نقول أننا أمام أزمة مثقف أو أزمة سلطة،لأننا بكل بساطة لا ندري مَنِ المثقف و لا مَنِ السلطة التي ستنام عليها الألفيةالثالثة؟، و هذا مصدر الإلتباس في مسألة المثقف و السلطة في الألفية الثالثة، لأنطموح الألفية الثالثة هو خلق ثقافة عالمية و هذا يعني محو هوية كل الثقافات وجمعها في ثقافة واحدة، فلا ثقافة عربية إسلامية و لا ثقافة هندية و لا ثقافةفرعونية، و لا ثقافة يابانية أو صينية، لأن الثقافة ستكون ثقافة المشاركة العالميةأي ثقافة متعددة الإتجاهات، ثقافة الحراك الدائم الرافض لكل ما يُمْلَى عليه و يُفْرَضُعليه من أفكار و عادات و قيم، حراك يريد التغيير الجذري ليس للنظام السياسي فقط،بل لنظام الكون كله، و أن يتحرر من كل القيود سياسية كانت أو دينية، فهذا النمط منالثقافة سمّاه الكبسي بالثقافة الكوسموبوليتية، و هي تعني أن العالم سوف يكونبمثابة دولة واحدة ضمن ثقافات مختلفة، و قال أن الألفية الثالثة هي جمهوربةالثقافات المختلفة، و قد أفصحت عن نفسها في مظهر العولمة و هي اليوم تبلغ أقصىمداها إلى أبعد الأمكنة لتزيل آثار المثقفالمحلي و تستبدله بالمثقف الكوني، و أن كل المفاهيم الذي خلقها المثقف المحليستتعرض لزلزال كبير، و ما على المثقف المحلي إلا أن يتفاعل مع العالمية ليجسد ما أطلق عليه برتراندبادي بـ” الكونمحلية la glocalisation التي يمكن نعتها بالمجتمع المدنيالعالمي، و هذا يعني حسب الكبسي أن المثقف المحلي قربت نهايته إذا قلنا انه انتهىو لم يعد له وجود.
خليل أحمد خليل: سوق العولمة وحده سيكون محرك التاريخ
أما الدكتور خليل أحمد خليليرى أن الكبسي وضع المساءلة في فضاءالعولمة و الألفية الثالثة، في حين يضعها هو في النص العلمي الأكاديمي رغم انهاألفية المعارك و الحروب، أراد الدكتور خليل أحمد خليل الإنتصار للعرب و المسلمينالذين أنجزوا عالميتهم بين الألفيتين الثانية و الثالثة و لم يندمجوا في عولمةأوروبا و أمريكا، و لذا كانت و لا تزال الثقافة المحلية العربية و الإسلامية في حالة تنافس و صراع مع ثقافتهم ، خلق ما يسمى بالفوضى التيعاشها القرن العشرون مما شوّه العلاقة بين الثقافة العربية الإسلامية بسلطتهم، ايعلاقة الثقافة التي ينتجها المجتمع العربي بالحاكم نفسه، إلا أن الدكتور خليل أحدخليل يوافق الكبسي في وصف هذهالعلاقة بعلاقة تأثيم متبادل، لكنه يرى أنتأثيم العلاقة كان نتاج انقسام إيديولوجي مزمن حدّاه التكفير و التخوين في مستوى العقلينالديني و السياسي، فمن وجهة نظر خليل أحمدخليل أن الحوار مع الآخر مشروط باستعداد الآخر لمعرفتنا اولا و الإعتراف بنا قبلالتحاور معنا، و إلاّ ما جدوى التحاور مع آخر لا يعرفك و لا يعترف بك، فما ينبغيتوفره هو الحرية الإنسانية مهما كانت مكانة الأفراد، و هذا يستدعي إعادة النظر فيعلاقة المجتمع المحلي نفسه بالسلطة المحلية المستقلة لا التابعة.
يبدو أنه من خلال رد فع لالدكتور خليل أحمد خليل لما أبداه الدكتور الكبسي أن المناظرة أخذت شكل حوارالأديان ، و لذا بات من الضروري أن نفرق بين مفهوم المناظرة و الحوار بين الأديانو الثقافات و الحضارات، لأن المناظرة تكون مبنية على”الندّية” النتيجة فيها تكون من هو المنتصر و من هوالمنهزم، من هو الخاسر و من هو الرابح؟ ، أما الحوار فهو شراكة بين طرفين تتوقفعلى احترام الآخر و قبول أفكاره، حوار مبني على أسلوب الإقناع دون الخروج عن الآداب و القواعد التي تشترطالتفاهم و التسامح و تقبل الرأي و الرأي الآخر (المخالف)، و التعايش معه و الدفاع عن حقه في التعبير عننفسه مادام يلتزم بقانون التعايش و الحوار، فالدكتور خليل أحمد خليل تجنب الحديث عن العولمةو مخاطرها، أو بالأحرى حديثه عن العولمة لا يروي العطشان كما يقال، في الوقت الذيأسهب في الحديث عن الثقافة الإسلامية و ما قدمته المدارس القرآنية في المدن و حتىفي الأرياف.
فالدكتور أحمد خليل يعتقد أنالإستقلال الذي انتزعته البلدان العربية أتاحت للمثقف العربي أن يكون مواطنا فيوطنه أولا، لكن حتى لو كان هذا المثقف مواطنا في وطنه، فالسؤال هل هذا المواطن فيوطنه مواطن حرٌّ؟ و هل يتمتع بالمواطنة الحقيقية؟ و هل يحصل على كل حقوقه الدستورية؟ ، ثم اين هذهالمواطنة التي لا يجدها سوى في الإنتخابات، في الوقت الذي تمارس فيه السلطة كل أشكالالقمع في حق المواطنين و المثقفين، و هل يجب على المثقف العربي ركوب قطار العولمة الذي لا محطةله في بلاده على حد تساؤل أحمد خليل، الذي اعترف أن العولمة لها فوضاها ، مايجب معرفته من هو البائع العالمي الذي تحدث عنه صاحب هذه الورقة و الذي ادّعى أن كل شيئ للبيع في سوق العولمة، وأن سوق العولمة وحده سيكون محرك التاريخ، فهل الدكتور خليل أحمد خليل على يقين بأن البلدان العربية لن تبيع تاريخهاو قيمها التاريخية و لن تبيع هويتها و لن تنساق مع هذه السوق؟ و نحن نقرأ اليوم عنعمليات تطبيع ثقافية و سياسية مع الكيان الصهيوني المحرك الأساسي لهذه العولمةبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، ثم وجب أن نعرف إن كانت هناك عولمة عربية وأخرى غربية.
لعل الدكتور خليل أحمد خليل يتحدث عن السوقالدينية و كيف يمكن للإسلام أن يعولم الأديان و يجمع البشرية كلها في دين واحد؟طالما العربي المسلم منفتح و لم يأت من صحراء؟ و يدعو إلى نبذ خطاب الكراهية و التطرف، ما أضافه الدكتور خليل أحمد خليل هوأنه ليس من السهل برمجة حضارة الألفية الثالثة من دون مشاركة العالم العربي والإسلامي مشاركة معرفية ثقافية و علمية تقنية، فماذا يريد أحمد خليل قوله؟ هليعني بالمشاركة تزويد العالم العربي و الإسلامي بالتكنولوجيا الحديثة و اطلاعه علىالإكتشافات العلمية التي اكتسبها العالم الغربي و صناعة السلاح النووي مثلما نراهالآن في إيران، و هذا صعب تحقيقه ، فما أتيح للعالم العربي و الإسلامي جزء يسيرجدا مما تشهده الحضارة الغربية من تقدم في الإبداع و الإبتكار، لأن العولمة تعملعلى تجريد الشعوب العربية والإسلامية من التفكير و الإبداع و الإبتكار حتى تظلتابعة لها.
أما مسألة التنوع يقف الدكتور خليل أحمد خليلموقف التوافق مع محمد علي الكبسي باعتباره الحل السليم للإعتراف بالمحلية، و قدأراد القول أن الإختلاف يبرز وجود الآخر و ينفي الذات، إلا أنه يفرق بين فلسفة الإختلاف و فلسفة التنويع، الأولى تقوم على الفرد، والثانية تقوم على الجماعة، و هذه الفلسفة هي فلسفة الألفية الثالثة، فلسفة استيعابالآخر، مثلما حدث في مرحلة ما ، وقع فيها صراع بين النظام الإقطاعي و البرجوازي، والنظام الإشتراكي و الليبرالي و الذي لايزال قائما إلى الآن، فيه تعاقب قانون الضم و الإقصاء في ظل ارتفاع اصوات لبناءنظام ديمقراطي حقيقي، لا ديمقراطية غير عادلة مثلما تسعى إليه العولمة الأمريكية،تزول فيها الدكتاتورية و تقوم فيها الديمقراطية الشاملة.
علجية عيش
بتصرف