المثقف ذو العقل الإسمنتي

186

عمود يومي ” رحيق القلم ” يكتبه : شدري معمر علي
المثقف ذو العقل الإسمنتي

كثيرا ما نطلق كلمة مثقف على كل من هب ودب ، نطلقها على حملة الشهادات جزافا دون تمحيص مع عدم نكراننا أن بعض حاملي الشهادات مثقفون ليس بسبب شهاداتهم و إنما لما يحملونه من سمات المثقف الحقيقي.
وعندما نتأمل معاني كلمة مثقف في اللغة فهي تعني التهذيب والاستقامة وعدم الإعوجاج والانحراف عن جادة الصواب.
فالمثقف المنحرف عن طريق الحقيقة والمنغلق على ذاته والمتعصب لفكرة حتى ولو أثبت العلم والواقع على بطلانها فنجده متشبثا بها لأنه برمج عليها منذ بداياته فهذا المثقف أطلق عليه مثقف العقل الإسمنتي ، أفكاره متصلبة بعيدة عن ثقافة وواقع مجتمعه ، هو في واد والمجتمع في واد ، يعيش في برج عاج ،ينظر ويكتب مدعيا أن على المجتمع الارتقاء لفكره.
المثقف الحقيقي الرسالي هو الذي يملك الشغف بالمعرفة فتجده مرتحلا بين الأفكار مجددا لمنظومته المعرفية ، باحثا عن الحقيقة ، فعندما نتأمل في حياة مثقفين كبار مثل : مصطفى محمود الذي انتقل من الإلحاد بعد تجربة مريرة ومجاهدة نفسية وروحية وبحث عميق في الفكر الإنساني يصل إلى جوهر الإيمان فينطلق ناشرا فكره و آراءه و كذلك المفكر الإسلامي محمد عمارة الذي كان منظرا لليسار مدة عشر سنين وفي سجنه الذي قضى منه خمس سنوات أعاد النظر في آرائه و أفكاره و استطاع أن يحتضن فكر أمته و حضارتها ويصير حارسا على قيمها مدافعا عن مبادئها و الفيلسوف عبد الرحمن بدوي في أواخر حياته تصالح مع ذاته وكتب كتابا عن الرسول صلى الله عليه وسلم بعنوان ” دفاع عن محمد صلى الله عليه وسلم ضد المنتقصين من قدره”
فهذه هي سمة المثقف الحقيقي الرحالة بين الأفكار المجدد لآرائه وليس المثقف صاحب العقل الإسمنتي المقولب ، البعيد عن الاستقامة الفكرية والأخلاقية فلا نتعجب من بذاءة البعض مدعين الحداثة والحرية.
فيا من تنتسب للثقافة و قد بلغت من العمر عتيا توقف قليلا ، راجع ذاتك و أفكارك وكن شجاعا لتعتنق الحقيقة ولا تكن من حمالي الثقافة المرتزقة كما سماهم المفكر المغربي ” محمد العزيز لحبابي “.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع