سامية خليفة/
الوهمُ يتربَّع بوقاحةٍ صدرَ خيباتِنا يغمزُنا بتلويحةِ أنملتِهِ الغرابُ يجثمُ فوق تمثالِ عقائدِنا المحنَّطةِ نتَّخذُه ناطقًا رسميًّا لنزواتِنا هو كغرابِ إدغار لا ينطقُ الّا بعبارةٍ واحدةٍ ملقَّنة من روحٍ شيطانيَّةٍ ترتدي استكانتها لتعتقلَ في أرواحِنا منافذَ الفرحِ لِتجتازَ عتباتِ الإحباطِ بمسافاتٍ نزولًا كي تصلَ إلى قاعِ الحضيضِ، عبارةٌ صفَّدتْ فينا الفرحَ بتهمةِ التَّحريضِ على ارتكابِ معالمِ السَّعادةِ فالتَّضاريسُ تشكَّلتْ كآبةً والحدودُ سُطِّرتْ على أنْ لا تتخطّى فينا مساحةَ الآلامِ عبارةُ نحن بألفِ خيرٍ لذلك سنبقى نسيرُ بمحاذاةِ الحائطِ تجنُّبًا للشّرِّ هكذا لقَّنَنا الآباءُ وما زلْنا نجني أشواكَ تلكَ العبارةِ النّابتةِ لها بين جنباتِ الخواصرِ الآهات أما مخلَّفاتُها فهي عقولٌ استعاضتْ عن ذلك الخيرِ الوهميِّ بما هو أشدُّ وهمًا ها هي تحيي الأساطيرَ تبتدعُ آلهةً تكفِّرُ تطلقُ حروبَها القدسيَّةَ تبتدعُها وتنسى أنَّها في عبادتِها لها امستْ متعدِّدةَ الآلهةِ تؤلِّهُ شياطينَ الدّولارِ والنّفطِ والجنسِ وتعاقرُ تماثيَل الخمرةِ في هذيانٍ من اللامبالاةِ وتضاجعُ ثقوبَ أنوفِ آلهةِ الإباحيَّةِ المستنسخةِ من الغربِ فتعكسُ بلا استحياءٍ أثوابَها المحاكةَ بِلا خيوطٍ ، نحن قومٌ نقيمُ سرادقَ العزاءِ لأجنَّةٍ نندرُها للشّهادةِ وهي بعدُ لم ترَ النّورَ لذا لا أملَ بالإصلاحِ إنَّهُ محضُ ادِّعاءٍ.
هل ما زلتَ تسألُني يا ضميري الصّاحي عن أيِّ نسقٍ سنتَّبعُ لنمدَّ لهُ يدَ التَّصافحِ بُتَّ الأمرُ ورفعَ القرارُ ماذا نتَّبعُ والقائدُ فينا يدلُّنا على مدنِ الخرابِ والظَّلامِ ؟
نحنُ أمَّةُ الابتكارِ لا تستغربوا إن كنّا نتقن ابتكارَ أساليبَ متعدِّدةٍ لانتحاراتِنا المتعدِّدةِ الأصواتِ والأشكالِ والتي ولجتِ البيوتَ والعقولَ هي انتحاراتٌ غير مرئيَّةٍ تبتعدُ عن الانتحارِ المرفوضِ شرْعًا تقدّمُ على طبقٍ ملفتٍ وأنيقٍ تحلّى بسكاكرِ الخدعِ الملتويةِ منها ما تُقرأُ على منابرِ المنافقينَ ليكونَ الطَّعمُ مستساغًا أكثرَ ليكونَ المستقبلُ خرائطَ ترسمُها لنا ثللٌ من السُّرّاقِ هي انتحاراتٌ تسكنُ العقولَ تأمرُ الأرواحَ بالموتِ البطيءِ قائلةً لها أنتِ لنْ تريَ الشَّمسَ هي الشَّمسُ وُلدتْ فقطْ لتحتضنَ العقولَ المنفتحةَ أما أنتِ فدودُ الجهلِ قضى على معاقلِكِ ونحنُ سنخلِّصُكَ من عذاباتِك لا تتبرَّمي يا من اتخذتِ الجهلَ لكِ مِثالا وأقمتِ لهُ المحافلَ والأعراسَ حتى تكاثرَ في مخادعِ عرّافاتِكِ اللّواتي يدرْن كراتِهنَّ البلوريَّةَ باحترافٍ وما هو أشدُّ جهلًا أنَّ هناك صفوفًا مصطفَّةً بثقةٍ تقفُ في طوابيرَ بانتظارِ الدَّورِ تصدِّقُ التَّدجيلَ وتكذِّبُ الواقعَ.
سامية خليفة /لبنان