الشيخ أحمد سحنون رجل”حوار”

216

علجية عيش/
الشيخ أحمد سحنون رجل”حوار”

في ذكرى وفاته.. وصايا الشيخ أحمد سحنون لحكام الجزائر

لا يزال معتقلون سياسيون داخل السجون إلى اليوم، بمعنى أن الأزمة فيالجزائر لا تزال قائمة، و قد تحرك الجماهير من جديد، في ظل الصراعات الداخلية و الخارجية، و ما يحيطبالجزائر من تهديدات و مخاطر، و يكون من الإفتراء أن نقرأ المشهد قبل وقوعه،خاصة في الظرف الصحي الذي يمرّ به العالم، قد يفسح المجال للعابثين بثورة نوفمبر ويعيثون فيها فسادا

في الجزائرعلماء و دعاة كانوا باستطاعتهم تطهيرالساحة من الفساد و من ثمّ تعديل الأمور و تحسينها لولا وقوف النظام ضدهم بالمرصاد ، في فترة عرفتفيها الجزائر حالة من التوتر أو الرّهابالسياسي إن صَحَّ القول، بسبب القرارات التي كانت ( وما تزال) تتخذ بصفة فرادية،لم تؤخذ فيها برأي مجموع العلماء و الدعاة، و هو ما أوصل البلاد إلى هذه الحال،ففي مثل هذا الشهر ( ديسمبر) رحل واحد من علماء الجزائر و دعاتها و هو رئيس رابطة الدعوة الإسلامية في الجزائر،إنه الشيخ أحمد سحنون ابن مدينة ليشانة ولاية بسكرة جنوب الجزائر، ينتمي الشيخ سحنون إلى جيل الصحوة الإسلامية فيالجزائر من أمثال الشيخ عبد اللطيف سلطانيو الشيخ عمر العرباوي ، و هو يعد من ابرز رجال الحركة الإسلامية في الجزائر، حين عاشتالجزائر أوضاعا متفجرة، فمان عليه أن يقوم بمبادرة التواصل مع رئيس الجمهورية.

ففي رسالة وجههاالشيخ أحمد سحنون إلى رئيس الجمهورية في فترة أجهضت فيها الثورة ( الثمانينيات) قالفيها: ” ما وددت أن يطول عمري حتى أرى حُمَاة الوطن يقتلون أبناء الوطن”و شرح الشيخ سحنون في رسالته للرئيس كيف تمكن من إقناع شباب غيور على دينه أن يعدلواعن رأيهم، و العودة إلى بيوتهم، لكن قوات الجيش اعترضتهم و هم عائدون إلى بيوتهم،بعضهم قتل و آخرون أصيبوا بجروح، هكذا فشلت عملية الصلح بين الجزائريين، لكن مساعيالشيخ أحمد سحنون لم تفشل في ربط جسور الأخوة بين أبناء البلد الواحد، و لرجاحةعقله و رزانته و اعتداله الفكري في معالجة المشكلات و استعمال كذلك أسلوب ” الحوار” مع الأخر، كتب رسالة ثانية إلى رئيس الجمهورية مريدا بها أن تكون مساهمةفي “الحوار الوطني” و إيقاف النزيف الدموي و إعطاء فرصة تاريخية للإنطلاقةالحضارية ، و التخلي عن سياسة عمّقتالهُوّة بين فئات الشعب، و خلقت فيالمجتمع طبقات، طبقة تنعم بخيرات البلاد و طبقة تعيش البؤس و تأكل من القمامة، تعيشعلى القمع و التنكيل فأثبتت هذه السياسة فشلها لأنها لم تنبثق من إرادة الشعب، الرسالةطويلة و لا يسع الحديث عنها في هذه الورقة، لكنه الشيخ سحنون رحمه الله أكد فيرسالته على أن ساعة التغيير الذي تُعْطىَفيه الإرادة للشعب قد حانت.

وبصفته عضوفي جمعية العلماء المسلمين عبّر الشيخ سحنون عن تضامنه مع الشعب في مطالبهالمشروعة و قدم في رسالته بعض المطالب، من أهمها إصدار العفو الشامل على كلالمعتقلين من أجل آرائهم، بغض النظر عنالوسيلة التي استعملوها و فرضتها عليهم أجواء مصادرة الحريات، وتوفير فرص العملللشباب و تشغيل الطاقات المعطلة في الشعب مع إعادة الإعتبار للجهد و الكفاءة ومحاربة السبل الغير مشروعة للترقي و الثراء، كالمحسوبية و الرشوة و الغش و استغلالالنفوذ و الإقطاع الإداري، كما شملت الشروط ضمان الحريات الأساسية لكل أفراد الشعبو غيرها من الشروط التي سنعود إليها في ورقة أخرى، يقول الشيخ سحنون أن الشعب الجزائريناضل نضالا متواصلا من أجل المحافظة على أصالته الإسلامية و دفع تضحيات جسيمة لإحباطالمؤامرات الصليبية، و ثورة نوفمبر كانت إسلامية في روحها.

إن الأمم لاتبني حضارات إلا في دول يسودها القانون والعدالة الإجتماعية، دول توفر حرية النقد و الرأي، لم يكن الشيخ سحنون شيخ زاوية ( طرقي) بل كانعالما و داعية للحق ، مناصرا له، لا يجاملحَاكِمًا و لا مسؤولا مهما كان نفوذه، و لم يكن ينصر ظالما حتى لو كان من المقربينإليه، لم تكن الشروط التي ذكرها شروطا بل كانت “وصايا”، لو طبقت بحذافيرهافي أرض الواقع، لما شهدت الجزائر ما شهدته من اضطرابات و صدامات قادتها إلى حربأهلية ( 1990) ، اتسمت بالعنف و التطرف، لتعود الأمور إلى ما كانت عليه، تمثلت في ثورة 22 فبراير 2019 عندما خرجتالجماهير في مسيرات سلمية تطالب بالتغيير الجذري للنظام و محاكمة المتورطين في الفساد.

و الشيخ أحمد سحنون الملقب بـ: “أبو الصحوة” من مواليد 1906 بمدينة ليشانة ولاية بسكرةجنوب الجزائر، اتحق بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين و كان من بين الكتاب فيصحفها لاسيما صحيفة الشهاب و البصائر و هذا نع بداية الأربعينيات، دخل السجن فيفترلاة الإحتلال الفرنسي، ترأس الشيخ سحنون رابطة الدعوة الإسلامية في الجزائر، استطاعأن يصون الشخصية الجزائرية ذات البعدين العربي الإسلامي، ظل يناضل بفكرة و مواقفه عندمادخلت الجزائر في مستنقع العنف، إلى أن توفي في 08 ديسمبر 2003 ، و تكون قد مرت علىوفاته 17 سنة، رحل الشيخ أحمد سجنون و من كانوا معه على الحق، و لم يتحقق الحلم، والآنوجب ان يطرح السؤال التالي: هل تغير شيئ ؟ ، لن نكون متشائمين طبعا، تغيرت بعضالأمور وهي تحريك بعض ملفات الفساد أمام العدالة و كشف أصحابها أمام الرأي العام،لكن الممارسات التي يمارسها النظام لم تتغير، بحيث ما زال النظام الجزائري يصادرالحريات و يقمع حرية التعبير، لا يزال معتقلون سياسيون داخل السجون إلى اليوم،بمعنى أن الأزمة في الجزائر لا تزال قائمة، و قد تحرك الجماهير من جديد، في ظل الصراعات الداخلية و الخارجية، و ما يحيطبالجزائر من تهديدات و مخاطر، و يكون من الإفتراء أن نقرأ المشهد قبل وقوعه،خاصة في الظرف الصحي الذي يمرّ به العالم، قد يفسح المجال للعابثين بثورة نوفمبر ويعيثون فيها فسادا.

علجية عيش

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المقالات