الروائية والاديبة والاعلامية الاستاذة الكبيرة الجزائرية عمارية بلال (أم سهام ) ترحل في صمت ؟
سليمة مليزي/
نحن نودع الأديبة الكبيرة والأستاذة الشاعرة والإعلامية، أم سهام( عمارية بلال ) الى مثواها الاخير ، تذكرت منذ اكثر من سنة ، كنت اتحدت معها يومها، وأخبرتني أنها تعاني من مرض عويص ، كان اليوم 24 أكتوبر من سنة 2019 ، كانت تعالج في مستشفى في باريس، وكم كانت قوية وهي تتألم ، وحكت لي عن حالتها الصحية المتدهورة ، وفعلا تألمت كثيراً لحالها ، لكنها قالت لي عزيزتي سلمية ، احمد لله ان أبناءي معي ، ولا أريد ان يعرف احد أنني مريضة ، ولا اريد شفقة من احد ، طبعا كانت تقصد الدولة هنا ، فقلت لها هل تسمحين لي بكتابة مقال وانقل معاناتك الى العالم ، لماذا الاديب في بلدنا يتألم في صمت ويموت في صمت ،؟
لماذا لا يكرم وهو حي يرزق على الاقل يفرح بهذا التكريم ؟ لماذا حتى يموت تكتب عنه الجرائد وتجري وراء الاخبار ، هذا المقال حينها ارسلته الى العديد من الجرائد الورقية
المعروفة التي اعتادت ان تنشر لي مقالاتي ، للأسف ولا جريدة نشرت هذا المقال ؟
تأسفت كثيرا ، واخبرتها عن الامر ؟ احسستها حينها انها لمت اكثر …
لروحك الطاهرة ..
سأعيد نشر هذا المقال الذي كتبته بإلحاح عنها يوم 24اكتوبر 2019 , عندما كانت مريضة في إحدى المستشفيات في باريس ، وهي تتألم في صمت ، كانت تعاني من تعب ومرض غريب كما أخبرتني حينها ، فقلت لها عزيزتي حرام ما يحدث لك وانت أديبة كبيرة ، ولا احد يهتم لآلامك …
الأديبة والشاعرة الكبيرة عمارية بلال (أم سهام )
تتألم في صمت رهيب …؟
الوجع، المرض الألم ، هو ذاك الزائر الذي يأتي بدون موعد، بدون استئذان يدخل الجسد فينهكه يتعبه ، وأحيانا يفقد قواهٌ ، فيصبح الإنسان ضعيفاً لا حول ولا قوة له إلا بالتضرع لله عز وجل ، المرض هو زكاة النفس هو امتحان من الله عز وجل ليختبرنا مدى قوة الإنسان فينا ، المرض هو من يتركنا نتذكر أن الدنيا فانية ، وأنها ليست فقط جمال وصحة ونجاح ، هناك أيضا بعض الانكسارات التي تمنحنا القوة اكثر ( لكل جواد كبوة ) والكبوة التي لا تقضي علينا تقوينا ، وتتركنا نمتحن البعض من الأصدقاء ، مدى صدقهم محبتهم ووقوفهم جنبنا في تلك المحن ، هناك من يعاني بصمت ، لأنه يؤمن أن القوة تكمن في تحمل الألم حتى لا نزعج الآخرين ، أو حتى نبقى أقوياء ، وهذا هو الإنسان القوي الذي يتحمل ألامه وحده لأن الشكوى لغير الله مذلة …..
الكثير من الأدباء ينشرون حياتهم الخاصة على صفحاتهم ، حتى ابسط الأشياء؟ وهذه حرية شخصية .. وهناك من يعاني في صمت ، ويستمر في الصبر لله عز وجل ..
الأديبة والشاعرة الصحفية الأستاذة عمارية بلال المعروفة بأم سهام ، منذ سنتين وأنا أتحدت معها ، أسال عنها أحيانا عن صحتها ، منذ سنتين وهي تعاني من مرض عضال ، الزمها الفراش، دخلت المستشفى في فرنسا السنة الماضية ، وكل ما اسل عنها تقول أنا بخير والحمد لله ، لكنها ولا يوم نشرت ألآمها وأوجعها على صفحتها ، أو حتى طلبت مني أن أكتب وأنشر خبر مرضها المؤلم المتعب ، الحمد لله أن لها أولاد أطباء يساعدونها ، للتغلب على المرض والشفاء ، الأديبة أم سهام هي من ابرز الأديبات الجزائريات اللواتي برزن بقوة في نهاية السبعينات القرن الماضي ،واستمر عطاؤها الأدبي إلي غاية السنوات الأخيرة …
الشاعرة والأديبة أم سهام ، درست في العديد من المدن، كوجدة المغربية وبشار، قبل أن يستقر بها المقام بوهران، حيث أتمت دراستها الجامعية وتخرجت من كلية الآداب والعلوم الإنسانية عام 1973، اشتغلت أستاذة في التعليم الثانوي، كما لها العديد من الإصدارات في الشعر والقصة القصيرة والرواية منها، دواوين شعر «زمن الحصار» و»زمن الولادة» منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق ـ سوريا 1989، وضع له المقدمة الأديب والمؤرخ المرحوم د.أبو القاسم سعد الله ،»أميرة الحب» عن دار الغرب سنة 2003، مترجم للغة الفرنسية من قبل الشاعرة نفسها، «حكاية دم»، «فتح الزهور»، «شاهدة على العصر»، «أبجدية نوفمبر»، «ترنيمات على بوابة ندرومة»، «اغتيال الفجر» والمجموعة القصصية «الرصيف البيروتي» الصادرة عن المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر 1986. و»من يوميات أم علي» عن المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر، 1990، تضم 10 قصص، من تقديم د.حسن فتح الباب ، كما عرفت للأديبة والشاعرة إسهامات في الصحافة الأدبية، سواء داخل الوطن أو بعدد من البلدان العربية على مصر وسوريا ولبنان، لكن بدايتها كانت في جريدة «الشعب»، ثم جريدة «الجمهورية» في ملحقها الأسبوعي النادي الأدبي، حيث شاركت في أغلب الأركان والملفات بجانب نخبة من الكتاب والأدباء والمواهب الشابة داخل الوطن وخارجه، وقد التزمت بركن خاص بها، وهو ركن مع المجلات من فيفري 1986 إلى مارس 1987 بدون انقطاع، بحيث كان هذا الركن همزة وصل بين ما ينشر هنا وهناك مع تنوع الطرح .
إلى جانب مساهمتها في مجال الكتابة النقدية والدراسات الأدبية، كتبت دراسة تحت عنوان «شظايا النقد والأدب»، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، وترجمت المجموعة الشعرية لإنصاف عماري عثمان «سمراء النيل» من العربية للفرنسية، وترجمت إلى جانب الأستاذ حسين ديب كتاب «مفدي زكريا شاعر مجد ثورة» لمؤلفه المرحوم بلقاسم بن عبد الله، عن دار القدس العربي 2014.، كما تعتبر الشاعرة والأديبة أم سهام، عضو فعال في اتحاد الكتاب الجزائريين واتحاد الكتاب الدولي فرع وهران، وهي أيضا عضو بمؤسسة مفدى زكريا…
أتذكر أنها كان لها برنامج أدبي تعده عبر المحطة الجهوية بولاية وهران ، وكنت استمع إليه بحل وشغف ، كانت تملك كل أدوات الإبداع ، وفصاحتها في اللغة وجمال ألقاؤها ، عمارية بلال ( أم سهام ) ها هي اليوم بعد عمر تصارع المرض في صمت ، وبقوة تتغلب على الأمها بعيدا عن أنضار الإعلام الذي يتحدث عن كل شيء ليس له قيمة ، إلا عن الأديب ،اين هي وزارة الثقافة ، أين هي الدولة التي غابت أخدت معها حقنا في هذا الوطن البائس ، أين هو حق الأديب من خيرات الوطن التي نهبته العصابة ، أليس له الحق في العلاج.
24 أكتوبر 2019
سليمة مليزي