خلال الأيام الماضية استعادت الجزائر رفات أربعة و عشرين من ابناءها الذين قضوا خلال الاستعمار الفرنسي بين عام 1830 – 1962 و الذين قطعت رؤوسهم في معركة زعاتشة الشهيرة عام 1849 أثناء نضالهم لطرد المستعمرين الفرنسيين و التي كان الفرنسيون يحتفظون بجماجمهم بعد ذلك في متحف الانسان بباريس و رفضوا سابقاً تسليمها بحجة أنها من التراث الفرنسي .
نعم و بكل وقاحة اعتبروها من التراث الفرنسي الذي يصعب تسليمه و لم يحاولوا حتى نكران وجود ذلك الرفات أو التبرير له و لما الإنكار طالما أن الضحايا هم ملايين الجزائرين العرب المسلمين و طالما هم كذلك فلا خوف أبداً من أن يصنف ما فعله الفرنسيون هنا كجريمة حرب .
إن فرنسا لمن تكن لوحدها بهذه الوقاحة أمام جرائمها بحق الإنسانية أو بمعنى أدق بحق المسلمين أو العرب بل سبقها قبل ذلك الكثير من الدول و ليس ما فعلته أمريكا بحق الهنود الحمر ببعيد و لا الايطاليين مع ليبيا و لا بريطانيا و غيرها مع الكثير من البلدان و لذلك لن يلوم فرنسا أحد من أولئك فكلهم و كما يقول المصريون أصحاب كار .
إن الدماء الجزائرية و العربية التي سالت طوال الثورة الجزائرية المجيدة ضد الاستعمار الفرنسي تكررت في البلدان العربية لطرد الاستعمار و ها هي تتكرر مرة أخرى اليوم في الأقطار العربية من أجل القضاء على عملاء ذلك الاستعمار و إن رفات الأربعة و العشرين لم يعودوا الآن لأجل العودة و استعادة رفات فلن يستعيد أحد شيئاً قد صعد للسماء لكن عودتهم اليوم فقط ليذكروا الأمة بأن هنالك ما يسمى عزة ماتوا من أجلها و لنحيا في سبيلها .
محمد الدباسي
كاتب و مؤلف
رئيس التطوير في اتحاد الكتاب و المثقفين العرب
maldubasi@gmail.com