البوح التعبيري في قصيدة الشاعر : عمر فهد حيدر

772

الرساليّة في السرد التعبيري

البوح التعبيري في قصيدة الشاعر : عمر فهد حيدر – سوريا

ولادة ….

بقلم : كريم عبدالله – بغداد – العراق 4/4/2019

ونقصد بالبوح التعبري : هو وصف العالم وطلب الخلاص بطرح رؤية فرديةعميقة للحياة والعالم , وما هو واجب ومفترض , فتكون معاني الاشياء غير معانيها .فلابدّ لكل عمل أدبي على وجه الخصوص من رسالة خاصة من خلالها يطرح الشاعرما يريدقوله وايصاله الى المجتمع ونقل هذه التجربة للآخرين , كون الشاعر شخصا غير عاديويمتاز بما يمتلك من موهبة من خلالها يستطيع تسخير اللغة واستنهاض الخيال والطوافبالمتلقي في مديات بعيدة واحداث الدهشة القوية والمستمرة وتحريك مشاعره عن طريقعذوبة اللغة والايحاء والرمزية المحببة ونقل الشعور العميق , حيث تكون اللغة غضّةمطواعة تتفجر ينابيعها وطاقاتها الخبوءة عميقا , وهذا ما تشتغل عليه اليو القصيدةالسردية التعبيرية , فهي لا تعني السرد الحكائي القصصي والمباشرة في اللغة , وهيتنحو منحى اخر عن طريق استخدام النثر الذي من خلاله ينبعث الشعر الكثير , حيث تكتبعلى شكل فقرات متسلسة فيما بينها , بدون تشطير او وجود فقرات او نقاط زائدة كما فيالقصيدة الحرّة والتي تسمى خطأ بالقصيدة النثرية , كون الاخير مازالت للان تحتسلطة القصيدة العمودية في شكلها وبناءها الهيكلي . ان القصيدة السردية التعبيريةتطورت كثيرا نتيجة لوجود كتاب يختصون بها ويحافظون على انضاج مفهومها لدى الاخرين. ومن هؤلاء الشعراء سنتكلم اليوم عن الشاعر السوري : عمر فهد حيدر والذي يعتبربحق سفيرا للقصيدة السردية التعبيرية , فهو الذي يدافع عنها دائما ويحاول ايصالهاالى الاخرين والحديث عنها في كل مكان , وكأنه يتحدث عن حبيبته التي اخلص لها فيحبّه الكبير , فهو يكتب هذه القصيدة ويحاول ان يتلمس الطريق نحو كتابة قصيدة تحملهموم الانسان وغربته في هذا العالم , لم يكتب الاّ والوطن والانسان يتقاطر منهماالألم والتشظّي والضياع , ألم لا يشوبه اليأس والهزيمة , فكتاباته تزخر بكل هذاالوجع والوطن الممزّق , فهو يكتب بضميره الحيّ المعبّر عن ضمير الجماعة ومحنتهم ,وتعرية هذا الواقع وفضحه , فعباراته دائما مشحونة بالألم والقلق والخوف والترقبوالانتظار , فشعره ينقل لنا الكثير من هذه المفردات في بيئة انتشر فيها الخرابوالدمار نتيجة تعرّضها للنكبات والازمات المستمرة , وكيف لا وهو ابن الحرب الواقفدائما على حدود ملتهبة ويحمل على كاهله عذابات سحيقة مستمرة ..! .

وبالعودة الى قصيدته / ولادة …. / فهي عبارة عن مخاض طويل ومؤلموصرخة تنزلق بعد انتظار وصمت , ان في هذا العنوان رمزية وايحاء كان يقصدها الشاعر ليفتحلنا ابوابا للتأمل والقراءة , فنحن حينما نقرأ هذا العنوان يتبادر الى أذهانناالكثير من التأويل , فهل كان يقصد ولادة / القصيدة / الوطن / الابداع / الحبّ /الافكار …الخ . لقد تركنا الشاعر ان نقرأ العنوان كل حسب رؤيته وثافته واحساسهوذائقته , وهذا ما يحسب للشاعر فلقد ترك بعد مفردة / ولادة / …. / هذه النقاطأراد منها ان يجعل من المتلقي ان يقرأه بطريقة تتناسب مع ما يمتلكه هذا المتلقيمما ذكرناه سابقا . ابتدا الشاعر قصيدته بهذا المقطع / تلدني اﻷرض من صخراللوعة من هشيم التراب المبلل بالدموع ﻷمهات ثكلن بأبنائهن وأزواجهن في الحرب ../.. المثير والغريب والمستفزّ في نفس الوقت من خلال مفرداته القاموسية / تلدني -صخر – اللوعة – هشيم – الغريب – المستفزّ – الدموع – الامهات الثكلى – الحرب / ,فلو تأملنها جيدا لوجدنا قسوة هذه الولادة في زمن الحرب وما ينتج عنها من كوترثوويلات وخراب , استطاع الشاعر تسخيرها بطريقة ذكية لتجيش مشاعر المتلقي واصطفافهالى جانبه في محنته ومحنة الوطن . وتخفت حدّة الوجع لدى الشاعر وياخذنا الى عوالمعالية مرتفعة وكأنه يمتلك أجنحة كبيرة يرتفع بها عن هذا الواقع في محاولة للخلاصمنه ../ تصطفيني في أعلى قمة لجبالها تقرأ علي’ طقوس الولادات الهانئات ،تلفنيبشال رياحها العاتيات أتكور جوعا” من أديم هيجانها تتهجاني بماء ينابيعهاالرقراقة النقية المنسية في بؤبؤ العين ،تهبني للشمس للقمر للنجوم لسماء تحنو كأملها انتشاء اﻷمومة ../ .. ونجد ذلك في مفرداته / اعلى قمة – رياحها – الشمس –القمر – النجوم – السماء / . ان مفردات الشاعر تعكس لنا نظرته للحياة وتنبع من ذاتنقيّة , فهي مفاتيح للدخول الى عالمه الحسّي والنفسي والفكري والشعري , فنجد هذهالذات الشاعرة تحاول الهروب مجددا من واقها في محاولة لتخفيف عذاباتها الى عالمالحلم ورسم الحياة بصورة بهيّة لتعويض ما اتلفته الحروب والنكبات ../ وتلزم صمتها في ليل الحياة الذي يطول بهامات وأحلم أنيأحبو نحوك أتهجى حروفك كالكلمات أعلن انتمائي لوهج اﻷمومة للوعة حزن تمترس فيخاطري ؛ تطير الفراشات كالشاعرات نحو حتفهن في حضن الربيع ، يبتغين عشقا”وحبا” وصمت الكلام كأنهن صرن موتا” جميلا” في روحهن وشايات بوحشفيف ../ .. وهنا يحاول ان يزاوج ما بين الحرب والحضارة , وكانه يفاضلما بينهما ويحاول اثارة انتباهنا اليهما ../ من أزيز رصاص من تجارة حرب من رقي حضارة ياخوفها المسكونفي لغتي لقد كبرت ومازال خوفي أكبر من خافقي .يرتديني السكون القريب يواكبني العطشيتهادى من غير انسياب ، أفرغ الشمس من عيني ..أتشكل برا” في رؤى براريكحزنا” وحبا . خوفاً يشدني إليك ياوطني وأنت تتهجاني لغة انتصار وفخر وسلام../ ..فخوفه ظلّ يكبر في لغتهويتشكّل في صورة يمتزج فيها الحزن والحبّ , الحزن على هذا الوطن الذي طحنته الحروب, والحبّ له رغم قسوة العيش وكثرة الخيبات فيه , وهنا نجد الأمل ينبعث من الذاتالشاعرة من خلال لغة الحب وانتصاره / انتصار – فخر – سلام / فهي تعتزّ وتفتخر بهذاالوطن وتؤمن بقوة الحياة والحبّ في تحقيق الانتصار على لغة الحرب والدمار .

لقد استطاع الشاعر : عمر فهد حيدر ان يسخّر أقصى ما يستطيع منملامح السردية التعبيرية في رسالته هذه , وان يرسم لنا بكلماته كل هذه الصور الجميلةو وان يعبّر عن رأيه وهو رأي الجميع بكل هذه الاحداث وان يمنحنا هذه الفسحة منالضوء والأمل والعشق للوطن والحياة .

ولادة….

تلدني اﻷرض من صخر اللوعة من هشيم التراب المبلل بالدموع ﻷمهاتثكلن بأبنائهن وأزواجهن في الحرب، تصطفيني في أعلى قمة لجبالها تقرأ علي’ طقوسالولادات الهانئات ،تلفني بشال رياحها العاتيات أتكور جوعا” من أديم هيجانهاتتهجاني بماء ينابيعها الرقراقة النقية المنسية في بؤبؤ العين ،تهبني للشمس للقمرللنجوم لسماء تحنو كأم لها انتشاء اﻷمومة .
وتلزم صمتها في ليل الحياة الذي يطول بهامات وأحلم أنيأحبو نحوك أتهجى حروفك كالكلمات أعلن انتمائي لوهج اﻷمومة للوعة حزن تمترس فيخاطري ؛ تطير الفراشات كالشاعرات نحو حتفهن في حضن الربيع ، يبتغين عشقا”وحبا” وصمت الكلام كأنهن صرن موتا” جميلا” في روحهن وشايات بوحشفيف ، هو اﻷن حرب تستقيم كأنها موج شط بعيد ..لاتخافين أنت الحلم خاف علي’ مناﻷنا العالية ..من أزيز رصاص من تجارة حرب من رقي حضارة ياخوفها المسكون في لغتيلقد كبرت ومازال خوفي أكبر من خافقي .يرتديني السكون القريب يواكبني العطش يتهادىمن غير انسياب ، أفرغ الشمس من عيني ..أتشكل برا” في رؤى براريك حزنا”وحبا . خوفاً يشدني إليك ياوطني وأنت تتهجاني لغة انتصار وفخر وسلام.

* عمرفهدحيدر/سورية 27/3/2019

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

آخر المقالات