الاستاذ عبد اللطيف الجاسم والساعة البايلوجية

511

الاستاذ عبد اللطيف الجاسم
والساعة البايلوجية

محمود داود سلمان

الاستاذ عبد اللطيف جاسم عباس

 

انهيت دراستي الابتدائية في مدرسة النبراس بنجاح باجتياز امتحان البكالوريا وذلك العام الدراسي (١٩٧٥/١٩٧٤) م وانتقلت الى الدراسة في الصف الاول في اعدادية العزيزية للبنين وهي المدرسة المجاورة التي لاتفصلها عن النبراس الابتدائية سوى بناية نادي الموظفين وشارع فرعي ، كان مدرس مادة اللغة العربية الاستاذ القدير والالمعي
(عبد اللطيف جاسم عباس نصيف الشمري ) الذي مازالت صدى كلماته ترن في اذني وتجول في خاطري عندما كان يسألنا ويحدثنا ويحاورنا.كنت اتخذ من الرَحْلَةِ الاولى من الخط الوسط الذي يقابل السبورة مقعدا دراسيا لي فقد كان هذا المكان يستهويني.بدأ الاستاذ عبداللطيف حفظه الله بالتعرف على زملائنا من الريف وهو يطلب منهم ذكر أسمائهم الثلاثية ولم يوجه لنا الاسئلة ذاتها فنحن معروفون لديه واغلبنا من ابناء محلتهِ السراي وما جاورها .ذات يوم وفِي الحصص التالية من الدرس الاول لاحظ الجاسم تفوق اثنين مَن طلبة الريف في الاعراب وكانت المنافسة بيننا على أشدها ، لكنهما يتفوقان علينا احيانا في بعض اللفتات اللغوية فسألهما وهما كل من الزميل
(ماجد فاضل الدعياوي )١
والزميل
(عيدان حسين السماحي )٢

عمّنْ درسهماالمادة في الابتدائية ؟
فذكرا لَهُ اسم أستاذهما فأيد الاستاذ عبد اللطيف كفاءته على من كان يُدرسنا نحن ابناء المدينة في المادة نفسها ودارت الايام لتصدق نبوءة الاستاذ الجاسم ونظرته الفاحصة لتلاميذهِ فقد اصبح الزميل عيدان حسين السماحي مدرسا للغة العربية ليواصل مسيرة أستاذه الذي اثنى عليه ذات يوم .
كان الجاسم يعاملنا معاملة تُشعرنا حقاً بأننا طلبة علم وهو احد من يهمه امرنا ويتجلى ذلك بوضوح بالحرص علينا وكائننا اخوته الصغار او حرص الاب على ابنائه وكان وعيه وثقافته تفوق عددا من اقرانه من أساتذتنا الافاضل في المواد الاخرى. كنا نتزاحم على مرافقته وهو يغادر الصف بعد انتهائه من المحاضرة للتمتع بالاستراحة بين الدرسين وكان يتفاعل معنا بمنتهى اللطف والاحسان ولم أرهُ يتذمرُ يوما ما للحظة واحدة .
ان للاستاذ الفاضل عبد اللطيف الجاسم فضل كبير على زملائي وعلي شخصياً وكلما اتصفح التقنيات الحديثة والشبكة العنكبوتية التي نتزود من خلالها بشتى ألوان العلوم والمعرفة التي لم تتاح لنا من قبل كان الاستاذالجاسم قبل أربعة عقود من الان لايختلف عنها فيما كان يزقه إلينا زقاً من العلم والمعرفة والأدب . ومازلت اتذكر واحدة منها خالدة في الذهن مما زودنا به من علمه الجم .
وهو حديثه عن الساعة البايلوجية !!
سألنا الاستاذ
هل مر احدكم بحالة كان ينوي النهوض من النوم في وقت محدد فوجد نفسه يستيقض في ألوقت ذاته ؟ او تزامننا معه ؟ من دون منبه ؟ ومنها الساعة المنضدية التي كانت تستعمل على نطاق واسع في ذلك الزمان .
وبعد ذلك يطرح سؤالا ؟
من تعتقدون ؟ السبب في يقظتكم من النوم في الوقت الذي حددته عقولكم سلفاً ؟
وهو يتفحص وجوهنا وعيوننا بانتظار الجواب !
فلم يجد عندنا جواباً لما سأل لجهلنا بالموضوع !
مما اثار الفضول في نفوسنا لمعرفة السبب
فأجاب : انها الساعة البايلوجية(٣)
وبدأ مستطردا بذكر المعلومات التي كنا نسمعها بشغف وهي تطرق أسماعنا الواعية لأول مرة .
—————-
(١).ماجد فاضل الدعياوي _ هو الاستاذ ماجد فاضل الدعياوي مدير مدرسة طرفة بن العبد الابتدائية اختصاص إدارة وأشراف تربوي
(٢). عيدان حسين السماحي _ هو الاستاذ عيدان حسين السماحي مدرس اللغة العربية في متوسطة صفي الدين الحلي .
(٣).الساعة البايولوجية ؛ وهي ساعة داخلية فطرية تسير ذاتيا، لكن يعاد ضبطها بمؤثرات خارجية.

محمود محمود سلمان

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع