اقتصاد الحضارة

359
اقتصاد الحضارة
محمد كريم إبراهيم – محلل وكاتب عراقي

يتمثل اقتصاد الحضارة بإنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات المفيدة بين جماعات مختلفة من أهل الحضارة, ويدرس أيضاً تبادل السلع الشائعة المشتركة الاستهلاك بين افراد المجتمع التي تتغير حاجاتهم ورغباتهم عن الاخرين من زمن الى اخر ومن ظرف الى اخر.

هناك نوعان من السلع المنتجة :

1- السلع التي تضيف مباشرةً إلى انتظام ونظام الحضارة : وهي تتمثل بالمواد التي تكون مسؤولة مباشرةً عن توسيع انتظام الحضارة, من الاغذية والمشروبات
التي ينمو الكائن الحي من وراءه ثم يتكاثر ليوسع نظام الحضارة اكثر.

2- السلع التي تساعد انتظام الحضارة بشكل غير مباشر : سلع مثل الوسائل النقل والمنازل والادوات الحديدية والخشبية والاجهزة الالكترونية والكهربائية التي تسرع من وظيفة الكائن داخل الحضارة وتسرع من عمليات تكوين وحدات الاساسية لنظام وانتظام الحضارة. وكذلك سلع التي تحافظ على نظام الحضارة من الفناء مثل الملابس.

وهناك نوعان ايضاً من الخدمات :

1- الخدمات الجهدية : هذه الخدمات التي تقدمها الانسان او الآلة أو اي كائن اخر لأهل الحضارة هي تعمل في اعمال يتطلب طاقة اضافية من اهل الحضارة (فهم
بدورهم ليسوا مستعدين لصرف مثل تلك الجهود أو مشغولين بصرفها في مكان آخر).
عمال البناء والحمال والمناجم والحمير والأحصنة والمكائن وغيرهم يصرفون جهداً بدل الاخرين داخل الحضارة, وبالتالي يدعمون الاقتصاد فيها. كل تلك الاعمال
يمكن عملها من خلال فطرة الانسان وعضلاته الممنوحة (باكتساب معلومات بسيطة وقليلة جداً).

2- الخدمات الزمنية : وهي أعمال لا تتطلب جهداً جسدياً من الفرد العامل, بل يتطلب زمناً معيناً. وتندرج تحتها الطب والكتابة والهندسة والتصليح والحراسة والحكم والقضاء والسياسة والسياقة والتجارة وغيرهم (تذكر أن الزمن = المعلومات, فأن الطبيب الذي درس لسنين طويلة من اجل اكتساب المعلومات يعد خادماً للناس زمنياً, خادماً للذين لا يملكون زمناً لاكتساب المعلومات).

هناك بعض من الخدمات التي تكون جهدية وزمنية في نفس الوقت مثل الطباخة والخياطة والفلاحة وغيرها.

يتم تبادل تلك السلع والخدمات عن طريق مقارنته وتوزينه مع السلعة الشائعة المشتركة الاستهلاك : وهي سلعة الاكثر استهلاكاً واستخداماً, يمكن استبدالها ومقايضتها بأي سلعة اخر بعد توزينها. تتمثل بـ(المال) في الحضارة البشرية الحديثة, الورقة النقدية لا تستهلك بالطبع من قبل الفرد ولكنها ولكنها متداولة ومقبولة من قبل الحكومة التي تستهلكها وتنظمها. فكرة تبادل السلعة الشائعة المشتركة الاستهلاك هي متطورة بالنسبة للمجتمعات الصغيرة والحضارات البدائية البسيطة, وهي لا تأتي إلا بعد تعدد السلع والخدمات وتعقد المتطلبات وازدياد السكان.

تتمثل السلع المشتركة الاستهلاك بحاجات أهل الحضارة أولاً ثم تتغير إلى الرغبات. فتبدأ من الاطعمة والمشروبات التي يمكن استهلاكها من قبل البشر, هذه
هي السلع التي يمكن استبدالها ومقايضتها بأي سلعة أخرى, وبعد أن يتطور أهل الحضارة ويضمنوا مستقبلهم من توفير الحاجات, السلع الغذائية الحاجاتية لن تكون بعد الآن قابلة للتدوال لعدم حاجة المجتمع إليه بسبب كثرته وتضمين وجوده عند كل واحد. ينتقل بعدها الى السلع والخدمات المرغوبة التي تداعب عقل الانسان وتشبع ملذاته, هذه هي المجوهرات والملابس الجميلة والاشياء الاخرى التي يرغب بها جميع أهل الحضارة, ويمكن استبدالها بسهولة مع السلع والخدمات الاخرى.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المقالات