عندما يومئ الحبر رأسه للورق تتبعه آلاف المفردات وكأنها تشرع أبوابها لغائب… عندما تلتصق الأشياء ببعضها لا أعرف إن كانت تفتح شهيتها للكتابة أم للحياة… عندما أشرع للكتابة تسد الإبجدية موسيقاها وتدخل في صومعة الصمت الغارق في سكينة المحيطات البعيدة… عندما أجالس متكئ الحرف أشعر بأن كل حروف اللغة تهرب من أناملي… كأنها تفر من ورقي الذي يصارع الريح من على منضدة الوقت… أشعر بأنني أنتمي إلى عوالم أخرى لا علاقة لها بالوجوه… إلى عالم الدهشة الذي ينتظرني عند أول منعطف قلم… أشعر أنني أسير حافية النبض في شوارع لا علاقة لها بالمدن… وإنني أنتزع نفسي من فوهة قلم يتدحرج على رصيف الكتب… وإنني أحشوا جيوبي بلغات لا تشبهني وأرتدي أوشحة ليست على مقاسي… وإنني حين أكتب تحدث تلك الأهتزازات في أصابعي ويعرق ورقي… ينتابني شعور إنني على حافة الآلم الذي يمسك بفضفاض أملي…