أخي صديقُ البنفسجِ

210

ألوِّحُ لمراكبكَ الحزينةِ تغوصُ أنتَ في الغيابِ
وأضيعُ أنا في البيداءِ
أعطفُ على نفسي ، أحدِّثها عن رؤىً جديدةٍ و أحلامٍ
أخاتلُ سنابلكَ وأقولَ كلُّ شيءٍ على مايرامُ
كنت تخافُ على وردي من النسيمِ إذا عبسَ
و كنتَ كالنهرِ تعاقبُ الغيمَ إذا غفا عن سهولي
وهرولَ لأرضٍ يبابٍ
ولأجلي كنتَ تقتحمُ النارَ إذا أشارتْ إليَّ
وتبدعُ في زمنِ الجدبِ آياتِ الجمالِ
و يحدثُ – و أنت لاتدري – أن أحملَ أطنانَ العذابِ
، وأنت بقربي تتلاشى كأنها سرابٌ
فمن الذي أبعدكَ ياشقيقَ الروحِ عن مضاربي ؟!
و من الذي تركني سميرةَ الأسى و الغيابِ ؟؟
*
سأخبركم عن شقيقي الجميلِ
عن مدرسةِ الحبِّ ، و موئلِ الغزلانِ ، عن حديقةِ الصنوبرِ
عن الكانَ كالأطفالِ براءةً و كالنجومَ ضياءً
و كان صديقَ الحبقِ والجوري ، كان صديقَ السنونو ، كان صديقَ البنفسجِ
سأخبركم عن قمحِ عينيهِ حينَ يطلُّ
هل تعرفون خوابي العسلِ الملكيِّ ؟
و نبيذَ الكرومِ المعتَّقِ حين يضحكُ ؟
هل تعرفون خبزَ الأمهات في الصباحِ؟
وأغاني فيروزَ عن الأحبابِ
هل تذكرونَ دموعَ الشمسِ في الغروبِ
سأخبركم عن ثرائهِ
إن لمستهُ تغمرني خمائلُ ليمونٍ في راحتيهِ
وجههُ بارقةُ رضىً ، وفي التفاتتهِ تتزهُ حقولُ الياسمين
ينثرُ في ليلي نجومَ الفرحِ فلا أبالي بالعتمةِ
إن لفَّهُ الصمتُ يوماً في صدرهِ تراتيلُ ملاكٍ
تردُّ الخريفَ عن ضفافي
فكيف اليوم أغرِّدُ وجناحاي قصهما الغيابُ ؟
و كيف يغفو الحنينُ في جفوني
و روضِ وجنتيهِ عذارى الفراتِ
تسهر على رمشي
ولا تهدمُ جدران البعادِ
*
أأخي الحبيبَ
دروبُ القريةِ ماتزالُ تتأرجُ عطركَ
تسألُ عن رفيفِ سناكَ
و إنَّ شبابيكَ بيتنا الأغلى ترقبُ النخيلَ حين تمرُّ
و الزيتونُ الواقفُ على بابنا يرقبُ في خطاكَ نهر التفاحِ
فارفقْ بحمائمِ صدري
ولاتطلِ رحلةَ الغيابَ

مرام عطية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المقالات