أحداث المتن الروائي في رواية(ما لم يقله سيزيف في مذكراته المجنونة)للاديب كريم عبدالله/القسم الثاني

321

أحداث المتن الروائي في رواية ( ما لم يقله سيزيف في مذكراته المجنونة ) للاديب كريم عبدالله
القسم الثاني :

تدور أحداث الحوارات السردية في مصح عقلي , أو مشفى المجانين , والمرضى بحجة العلاج الطبي يتعرضون الى منهجية التعذيب النفسي والجسدي , في سبيل انتزاع اعترافات منهم , تكشف عن مكنون دواخيلهم , وخاصة تلوح حولهم شبهات بعدم الولاء للقائد المفدى والحزب والثورة , تعمدوا التخلف عن الذهاب الى جبهات الحرب , بحيلة الجنون أو الاعاقة الجسدية والعقلية , والمصح العقلي هو عبارة عن دائرة أمنية يحمل صفات اساليب البطش في التعذيب , وانتهاك حرمة وحقوق الإنسان في أبسط شروطها , بذريعة كل شيء من اجل القائد المفدى , وكل شيء من أجل المعركة , بهذا الشكل تنخرط منظمات الحزب الحاكم , في المراقبة والرصد والتصيد , الذين يتخلفون عن الولاء والطاعة للنظام , واعلام النظام , ينتهج نهج المغالطات في التشويه والتضليل والخداع . في تسمية حروب النظام العبثية , بالحروب الدفاع عن الوطن , وبذلك يحرقون الأخضر واليابس فدى للقائد والقيادة الحكيمة ( من أجل الدفاع عن الوطن والحزب والقيادة الحكيمة لقائد النصر المظفر ) ومنْ يتخلف عن الخدمة الوطنية , ولم يسهم في الذهاب الى جبهات الحرب , يستحق الموت والاعدام , حتى لو تعلل بالجنون أو الإعاقة الجسدية , فهم خونة وعملاء ( – أنا اعرفكم يا اولاد الكلب , لا ينفع معكم , إلا الضرب والاهانة , فلتذهبوا الى جهنم ) ص58 . و ( – هؤلاء خونة وعملاء , صدقيني يريدون القيام بثورة ضد السيد القائد والقيادة الحكيمة والحزب والثورة .
– الله ينتقم منهم ) ص63 . لكن احد المجانين يتهكم بسخرية اللاذعة ضد هذا التشويه الاعلامي المنافق ( – ( احنه مشينه للحرب ) . أخوات القحبة , الحزبيون , جماعة ( الرئيس ) المجرم , ذهبوا للحرب حتى يدمروا الوطن ) ص74 . بهذه الوحشية السادية يتم التعامل الاجهزة الطبية في المشفى , مع المجانين في المصح العقلي ( – أولاد الكلب , تريدون أن تعبثوا بأمن البلد ؟! .
– لولا كونك مجنوناً , لكان مصيرك ( حوض التيزاب ) يأكل جسمك العفن .
– ربما ( التيزاب ) أرحم من آلة ثرم اللحم ) ص39 .
×× أكثر الشخصيات الحوارية في المسرح المصح العقلي :
1 – شخصية مجهول الاسم :
ادعى الجنون بعدما أتهم بالتهجم على القائد المفدى , يتعرض بالقسوة في جلسات التعذيب القاسية والمتكررة , بحجة العلاج الطبي , كان يلوذ بالصمت ويتحمل القسوة الخشنة , فمرة يطلق على نفسه أسم ( سقراط ) ومرة أخرى يطلق على نفسه أسم ( فاتن ) ويتقمص الانوثة في التصرف والسلوك , لكن حوارته تصب في إيقاظ الوعي النائم , والسخرية من عقلية وهذيانات الحزب الحاكم وشعاراته الحزبية المزيفة والمخادعة ( – دكتور هذا مجنون ( فاقد )
– ما يعني فاقد ؟؟ !! .
– أنه لا يدري بنفسه , ولا يعرف أين هو , ولا حتى لا يعرف أسمه , يعني مثل الحمار , الذي لا يعرف أي شيء ) ص234 . يرقد في المصح العقلي ويهذي بتهكماته الساخرة ضد ازلام الحزب , ولا يكف ويتوقف رغم التهديدات بالقتل , فلم يجد منهم سوى الخشونة والسب والشتم والاهانة والاذلال , لكن شعر بوجوده الانساني من المعاملة الطيبة والرقيقة من طبيبة الأسنان ( اسراء ) تختلف عن خشونة ومعاملة الكل , كما تعود عليهم ( – تعال ( عيني ) أجلس هنا ) ص235 . أن كلمة ( عيني ) ايقظت حواسه , وجعلت البريق يعود الى عينيه المتعبتين من السهر والالام , لم يصدق ما سمعه برقة وعذوبة كلمة ( عيني ) . ( – هل تسمعني , أنا قلت لك تعال اجلس على هذا الكرسي ؟! .
– هل تقصدني أنا ؟؟!! . ) ص235 . وحين سألته عن أسمه , فأجاب بأسم جديد ( جمال ) , كأن الجمال استيقظ في نوازع روحه , وازاح وحش القبح والبذاءة , وصار كل يوم يتردد على غرفة الطبيبة الاسنان , يجد العاطفة والرقة والاحترام , وراح يبني صرح الحب في أحلامه , واخذ يعتني بسلوكه وهندامه , واعتقد ان غرفة طبيبة الأسنان أصبحت بمثابة المحراب المقدس للحب , يعوضه عن سنواته التالفة والمتعبة . ويتوهم بأن طبيبة الأسنان ( اسراء ) هي ايضاً تبادله نفس الشعور بالحب , حتى أنه بقرارة نفسه ان يهدي إليها باقة ورد ويصارحها بحبه وعشقه , عسى أن يحظى بها , لتنقله إلى حياة جديدة . لكن أحد الأيام دخل الدكتور ( علي ) بعد غياب طويل وكان يرتبط مع ( اسراء ) بعلاقة الحب القديمة , ووجدت ( اسراء ) ان حضوره ينعش الحب القديم , ففرحت بهذا اللقاء الموعود , الذي أضاء أزهار الحب في داخلها , وخرجت معه من الغرفة , كأنهما عاشقان , وتعود لهما الحياة بعد الغربة , ومجهول الاسم ( جمال ) في صدمة وذهول , لم يصدق ما يجرى حوله , لقد شعر بأنه يعود الى مستنقع الوحل العفن , والحب ذهب مع الريح ولن يعود , فلم يتحمل الصدمة النفسية وانهى حياته بالانتحار .
2 – الممرضة ( نوال ) أو ( الرفيقة نوال ) يجندها الحزب في استدراج المشبوهين بعدم ولائهم للقائد والحزب . فكان سلاحها الغواية والإغراء بالشبق الجنسي الرخيص أو الايروتيكية المبتذلة , في سبيل كشف اسرار الضحية , الذي ينجرف الى الشبق الجنسي , ليكشف حقيقة ما يحمل من أسرار , كما فعلت مع المضمد ( جواد ) في احدى الليالي وقع في شراكها المنصوب له , وقاده هذا الفخ والمصيدة إلى مقصلة الإعدام ( – كل ما عندي لك ( يا جوادي ) اركب مركبي , وخذني الى فردوسك , أنا أعلم بأن فردوسك لا يشبه أي فردوس آخر ) ص161 .
( – أنني أحترق ( يا جوادي ) أطفيء النيران التي أشعلتها بي , خذ كل فاكهتي الناضجة , أقضم ما تشاء فيها , مزق أشرعتي التي كانت وستظل ترفرف لك وحدك, حطم حصوني التي كانت دائماً ألوذ تحت صمتها المسكون فيك ) ص119 . ولكن بعد التغيير وسقوط الحزب الحاكم , فقد اشتدت عمليات التصفية والانتقام من ازلام الحزب الساقط . فكان نصيبها القتل ( – لقد قتلوا الممرضة ( نوال الحزبية ) ( نوال القحبة ) ( نوال الفاجرة ) , هذا مصير الخونة والعملاء ) ص258 .
×× التغيير بعد الاحتلال :
كان يوماً عاصفاً ومشهوداً ما آلت اليه الامور عشية سقوط النظام والحزب الحاكم , ودخل العراق في التدهور نحو البلبة والاضطرابات الساخنة , نحو الفوضى والانفلات , نحو عمليات النهب والسرقة والفرهود حتى مؤسسات الدولة الصغيرة , انعدام الامن والامان , واصبح الشارع ملكاً للجماعات الدينية المتطرفة وعصابات النهب والسلب , ودخل العراق في نظام هجين , لبس العمامة وجبة الدين والمذهب , حتى ازلام الحزب الساقط , اصبحوا متدينين وأصحاب الإيمان والتقوى , واختلطت المعايير نحو الاسوأ ( لمَ تحول اللصوص الى شرفاء ؟؟!! وكيف تحول المفسدون الى صلحاء ؟؟!! ولمَ تحول الفاسقون الى مؤمنين ؟! وما الذي دعا الرفاق الحزبيين إلى متدينين ؟؟) 226 . فعم الخراب واستيقظت الطائفية من كهوفها النائمة , في اشعال الفتن وشق اللحمة الوطنية والشقاق والكراهية والحقد ( – أخي الصابئة واليهود والمسيحيون , هم الذين نعتهم القرآن الكريم بالضالين , هؤلاء مشركون يجب ان يقتلوا , أو يطردون من البلاد , أو يدفعوا الجزية رغماً عن أنفهم ) ص270 .
فدخل العراق في مرحلة الفوضى الخلاقة .

جمعة عبدالله

 

القسم الأول

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع