أجواء رمضانية مصرية

132

أجواء رمضانية مصرية

عبدالعليم مبارك

 

وأنت تتجول في هذه الأيام المباركة من شهر شعبان وسط أحيائنا الشعبية في مختلف ربوع مصر الحبيبة تستشعر عظمة الوافد الجديد، أجواء على غير العادة وحركية غير معتادة وتحضيرات مكثفة لشهر رمضان الكريم، تبدأها الأحياء والمحلات الشعبية بعرض متطلبات ومستلزمات هذه المناسبة الدينية بامتياز.
في حيِّ السِّيدة زينب حيث يعلو صوت الآذان معانقا أرجاءه ومضيفا إلى المكان رمزيته الروحية والدينية، وحيث عبق الأصالة والتقاليد لايزال راسخا لم يغيره الزَّمن ولم تمحُه التِّكنولوجيا، أضواء وألوان هنا وهناك تُزين أعالي البنايات والشوارع، أما الفوانيس فتلك حكاية أخرى تجمع بين رمزية الفانوس وابداع وتفنن الأنامل المصرية في صنعه والمحافظة عليه من الاندثار؛ فالفانوس تحفة فنية بامتياز تحرصُ العائلات المصرية على تزين بيوتها كنوع من أنواع التفاؤل والتَّيمن.
يعج شارع السيدة زينب كغيره من الأحياء بالمارة والباعة والمتجولين على حد سواء فهناك من يبتاع وهناك من يتجول وهناك من يستمتع بهذه الأجواء الفارقة ولن ننسى صوت الكلاكسون بتاع السيارات والأتوبيسات بين الحين والآخر ممزوجة بأناشيد وابتهالات مرحِّبة بالشَّهر الكريم، حقيقة هي زحمة شديدة ولكن لها نكهتها الخاصة فلن تنتبه إلى هذه الزحمة وتلك الفوضى بل ستركز على الأجواء الرائعة وستحاول قدر المستطاع اقتناء ما لذَّ وطاب من مأكولات شعبية سواء لتناولها أو لاكتنازها لاستهلاكها في شهر رمضان.
في هذا الحي العتيق لا تزال المخللات بأنواعها وتركيباتها من لفت وفلفل وجزر وزيتون وليمون معصفر حاضرةً في المحلات وعلى حواف الطرقات مصفوفة ومرتبة تسيل لُعاب كل من يمر حولها وكأنها تدعوك لتأخذها معك، لا يكاد يخلو بيت من هذه المخلَّلات الطَّبيعية فهي سيدة ولازمة الأطباق المصرية.
وعموما التحضيرات في الأحياء الشعبية ومختلف المحلات لاستقبال الشهر الفضيل لا تختلف من حي لآخر، ولا تختلف داخل البيوت أيضا، إذ تحرص الأمهات والزوجات على تهيئة البيوت من تنظيم وتنظيف وفق مقتضيات هذه المناسبة، وحتى يتم التفرغ في رمضان للعبادة واستغلال أوقات الفراغ في الذكر وتلاوة القرآن والصلاة، فاللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين.

 

بقلم
عبدالعليم مبارك كاتب مصري

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع