فلسفة مبسطة: تعريفات،شذرات وحكايات

686

فلسفة مبسطة: تعريفات، شذرات وحكايات

نبيــل عــودة

مدخل

موضوع الفلسفة هو أكثر المواضيع التي يقف امامها الجيل الناشئ، واكثرية الأجيال بما فيهم الكثير من المثقفين، موقفا سلبيا بظن انه موضوع بلا مضمون وبلا ارتباط بواقع الحياة. وان الفلسفة أقرب للثرثرة التي لا تغني ولا تسمن .. ربما مجرد ابحاث لا تزود الانسان بأي جديد، وبأثر ايجابي على تفكيره وتطوير قدراته الذهنية. والمؤسف ان الكثيرون من اصحاب المقدرة العقلية لا يألون جهدا في فهم المضامين الفلسفية وأثرها على التفكير وتطور كل مجالات الحياة في المجتمع الانساني. هل هي التربية الخاطئة، هل هو اسلوب التعليم الذي يفتقد للكثير من المركبات الضرورية لخلق انسان المستقبل؟ مختلف دول العالم المتنور اقرت الفلسفة ضمن برامجها التعليمية. نحن في الشرق نصر ان الدين هو المركب الفكري الضروري. لا بأس من فهم مضمون الدين، لكن المضمون الأخلاقي والانساني وليس المضامين التي ترى بكل مختلف دينا وطائفة وفكرا عدوا يجب القضاء عليه.

تاريخ الدين في القرنين الأخيرين، العشرين والحادي والعشرين، هو تاريخ مليء بالدماء والآلام لبني البشر. بحساب بسيط، شكل الدين بالأسلوب الذي ساد كارثة للشعوب العربية والشرقية وطال العديد من الدول الأجنبية. لا أحد ينكر ان الغرب الاستعماري ترك بلادنا قفرا من التطور. عمق التطرف القومي والديني. ترك لنا دولا هي مهازل، وانظمة حكم تعمق أزمة الشعوب العربية، تنهب ثرواتها، وهذا سينعكس بطريقة لا يمكن توقع مدى مأساويتها الكارثية على مستقبل المجتمعات العربية.

في هذه الشذرات والنصوص التي جمعت بعضها وصغت بعضها الآخر، بناء على عشقي للفلسفة ودراستي لها واهتمامي بشرحها وتبسيطها، من رؤيتي انها ضرورية خاصة لأبناء جيل المستقبل، وذلك عبر سلسلة مقالات تحت عنوان “فلسفة مبسطة” ظهر منها الكتاب الأول واعمل على اعداد الكتاب الثاني، ويمكن للمهتمين ان يقروا النصوص عبر البحث في غوغل، وقد دمجت بالمواضيع الفلسفية، قصصا ساخرة معبرة عن المضمون الفلسفي، وهو اسلوب اتبعه استاذي الروسي، حين درست في الاتحاد السوفييتي السابق .. قربنا هذا الأسلوب من عشق الفلسفة واشغال عقولنا بربطها بالواقع الانساني.

هذه نصوص وشذرات فكرية وفلسفية .. استغرقني العمل على صياغتها وقتا كبيرا. هدفي منها ان افتح اطلالة هامة على المضامين الفلسفية، لعل ذلك يدفع البعض للاهتمام الجاد بالفلسفة، ولعل العالم العربي يقر هذا الموضوع ضمن برامجه التعليمية، ولكن بتحرير الفلسفة من أي مركب اسطوري او خرافي او ايماني مغلق. وما أعرفه ان تونس فقط، ومنذ عهد الحبيب بورقيبة، جعلت موضوع الفلسفة ضمن برامج التعليم .. بينما دولا اخرى لا تعطي للموضوع نفس القيمة التي سادت التعليم التونسي.

من دفتري الخاص: حكايتي مع الفلسفة

شاركت وانا في نهاية المرحلة الابتدائية، بدورة دراسية فلسفية في اطار الشبيبة الشيوعية في الناصرة، سحرتني الفلسفة، من يومها صرت اسيرا للفلسفة وبت استعمل اصطلاحاتها في تفسيراتي للكثير من مواضيع الدراسة، أحيانا بلا فهم كامل لمضمون الاصطلاح، بسبب ذلك انتقدني احد المعلمين بقوله ان الكتابة والحديث عن الفلسفة لا تخدم ثقافة الجيل الناشئ، لأنها ثرثرة بلا مضمون..

لم اكن على دراية كاملة لأعرف كيف ارد عليه. لكني رفضت رأيه، وقلت ان الفلسفة هي في صميم التفكير ومجمل العلوم. فلم يجد من جواب الا ان يسخر مني ويُضحك بعض زملائي الطلاب بوصفي ب “الفيلسوف الذي لا يفقه ما يقول ويعيش بأحلام بعيدة عن الواقع”. ونصحني ان اعود الى عقلي ووعيي، وان اهتم بدروسي وابتعد عن الفلسفة والثرثرة.

اعترف اني غرقت بالصمت والتفكير لفهم عقلية مربي أجيال يجهل قيمة الفلسفة بخلق جيل حر ومفكر ومتحرر من الخرافات والأوهام.. لم اكن قادرا على تفسير موضوع الفلسفة كما شرحه لنا المحاضر.. بتأكيده ان الفلسفة ضرورة لجيل ينشد العقل والعلم والمعرفة من اجل احداث نهضة فكرية واجتماعية وعلمية في مجتمعنا الذي يعاني من ظواهر مقلقة من التطرف الديني المناقض لفلسفة الدين، ومن الجرائم التي ترتكب بمجتمعنا والتي اراها نهجا غير نظيف يلقى التجاهل النسبي من السلطة، ومن القصور الرهيب في التربية السليمة!!

بعد ان حثني المعلم وهو يضحك من جهلي (بالأصح استفزني مرات عديدة) ان اجيب على ملاحظته، قلت له باختصار: من اجل مستقبل طلابك قدم استقالتك من التعليم!!

عبس وتجاهلني!!

بالتلخيص، شكرا لذلك المعلم الذي جعلني احول الفلسفة الى موضوعي المفضل، تركت دراسة هندسة الميكانيكيات بعد سنتين من الدراسة ، واتجهت لموسكو لدراسة الفلسفة في المدرسة الحزبية، وأخطأت اني لم اواصل الدراسة الجامعية للحصول على اللقب الجامعي لأني كنت متحمسا ان انقل ما تعلمت للكوادر الشبابية!!

نبيل عودة

 

 

القسم الأول: عرض فكري وفلسفي

 

الماركسية

عانت الماركسية من عدم وضوح وقصور فكري لقادة “المجتمع الجديد” (الاتحاد السوفييتي) ينبع أساسا من عدم تطوير الماركسية لمفهوم الدولة الاشتراكية، الدولة التي ستبني المجتمع الجديد. وظلت الدولة الرأسمالية (العتيقة) هي الجهاز الذي كلف ببناء النظام الاشتراكي الجديد.. كل ما جرى ان السيد تغير ولم يتغير نهج الدولة او النظام.

تقوم نظرية الثورة الماركسية على مبدأ يقول ” على الثورة ان تستمر حتى القضاء على الطبقات المالكة بشكل عام”، فيما بعد طور ماركس نظريته بقوله إن “الكلام لا يدور حول تغيير الملكية الخاصة او القضاء على قسم من قوانين البرجوازية، بل إنشاء “المجتمع الجديد”. طبعا هذا التعريف عقلاني ومتزن، لكن للآسف جرى تجاهله والالتصاق بمقولة القضاء على مجمل القوانين والملكيات التي تسود المجتمع الرأسمالي.

ماركس طرح في فلسفته رؤية هامة بقوله “لقد اكتفى الفلاسفة بفهم وتفسير العالم، أما الهدف فهو تغييره”.. هل كان يريد تغييره بالعنف بأساليب التنظيمات المتطرفة حسب النهج الذي اعتمده ستالين أيضا بعد القضاء على الأعداء البيض في الداخل؟ او ربما يصح القول ان فلسفة ماركس كانت تبريرية لفرض نظام ديكتاتوري بالغ القسوة والعنف والتدمير بدون حدود؟!

لا يمكن انكار ان الماركسية كانت من اكثر الفلسفات تأثيرا على المجتمعات البشرية.والبعض يسميها فلسفة القرنين التاسع عشر والعشرين. كان حلم ماركس انسانيا، وطرح رؤيه لبناء نظام انساني عادل. رؤيته الانسانية كانت تتناقض تناقضا جوهريا مع الحكم الاستبدادي، القمعي والدموي لنظام ستالين.

 

قانون العلوم

قصة فلسفية من الفلسفة الاغريقية

ديميتري: توجد الكثير من الفلسفات المنافسة، كيف اعرف أي فلسفة هي الصحيحة من بينها؟

طاسو: من قال انه توجد فلسفة صحيحة؟

ديمتري: لماذا تجيبني دائما بسؤال؟

طاسو: هل لديك مشكلة بذلك؟

ديميتري: صدقني لا اعرف حتى لماذا سألتك أصلا. توجد أشياء ببساطة صحيحة، مثلا: 2+2=4

طاسو: كيف تستطيع ان تكون متأكدا من ذلك؟

ديميتري: لأني أثيني ذكي جدا.

طاسو: كونك أثيني هذا موضوع آخر. لكن السبب الذي يجعلك متأكدا من 2+2=4 ان الجواب يعتمد على قوانين العلوم التي لا يمكن الشك بها.

 

فلسفة العلوم

أصل كلمة العلم هو من اليونانية “لوجوس” (Logos) والتي فسرت تفسيرات مختلفة منها “السبب”، “الفكر”، “الافتراض” والبعض فسرها ب “علم المنطق”. القفزة الكبرى في فلسفة العلوم كانت في القرنين التاسع عشر والعشرين. طبعا قرننا الحادي والعشرين أحدث قفزة هائلة في فلسفة العلوم. مطلقا العقل البشري والوعي الإنساني إلى عوالم لا حدود لها. من المذهل ان نقارن بين مجتمعات تعيش على هامش الحضارة العلمية والعالمية، ومجتمعات جعلت من العلوم رافعة للتقدم الاقتصادي والاجتماعي، لأن العلوم في جوهر أي حضارة ولا تقدم حضاري بدونها

تبني فلسفة العلوم الكثير من دراساتها على ما يعرف ب “علاقات الاستدلال” بين الفرضيات أو النظريات

المختلفة. نجد هنا ان “الأبستمولوجيا” التي هي فرع من فروع فلسفة العلوم وتعني “دراسة العلم” اثارت اهتمام العديد من العلماء العرب والمسلمين بنظريات المعرفة ومن أشهرهم المعتزلة والأشعرية وابن سينا وابن رشد والغزالي.

قيمة النظريات العلمية، أو ما يعرف بفلسفة العلوم يمكن تلخيصه بان الوعي الإنساني يفقد فائدته بدون ان تؤكده النظريات العلمية. نحن لا نتحدث عن ميراث فكري ينقل بالوراثة ويجعل الأكثرية المطلقة من البشر منغلقون فكريا ووعيا عن فهم أي معيار خارج موروثاتهم، حتى الأرض رفض بعض “علمائهم” كرويتها واعتبروا المسألة فكر استعماري.. ويرون بكل محاولة لنقض ما نقل إليهم بالرضاعة، أو بالتلقين الذي يشل التفكير ويقمع العقل، خروجا عن الصحيح وضلال ما بعده ضلال.

مجال القوانين العلمية هو دراسة بيولوجيا الحياة كشكل خاص لحركة المادة، كما يتناول قوانين تطور الطبيعة الحية، وكذلك الأشكال المتشعبة للكائنات الحية: بناؤها ووظيفتها وارتقاؤها وتطورها الجزئي وعلاقتها المتبادلة بالبيئة.

 

النخبة

لكل مجتمع تنشأ نخب مختلفة، أبرزها وليس أهمها النخب السياسية والدينية… هذا موضوع بديهي لأنهم الأكثر ثرثرة. قد نجد ضمن النخب منتفعين، انتهازيين، تجار.. الخ، نجد أيضا مخلصين يكرسون كل جهدهم وجل وقتهم، حتى على حساب عائلاتهم من اجل قضايا شعبهم ومجتمعهم. القيادة ليست تشريفا وليست وجاهة ومخترة. هذا ما يقلقني خاصة وبالتحديد عندما اراجع شكل ادارة زعماء الأحزاب في بلادنا لمختلف انشطتهم، لا اشمل الجميع، هناك من يدمج بين النشاط الجاد والمخترة.. ما يثير الامتعاض ان بعض من يصبح ضمن النخبة، بطرق لا تتعلق بقدراته، بل لقدرته على ان يكون بعشرة وجوه. يريد من الجميع المديح فقط لعبقريته ولأنه وحيد عصره.. من هنا تتعمق أزمة القيادة والقطيعة مع الجماهير. النتيجة يوجد من يسير بمقدمة الصف.. لكن لا يوجد من يسير خلفه الا منتفعين وأسرى الأوهام!!

 

بروليتاريا

انتشر تعبير البروليتاريا لوصف الطبقة التي لا تملك أي وسائل إنتاج وتعيش من بيع مجهودها العضلي أو الفكري، تاريخيا ظهر هذا الاصطلاح بالامبراطورية الرومانية القديمة لوصف الفئات السكانية الأشد فقرا والتي ليس بقدرتها دفع الضرائب. لكن الأمر الأساسي ان هذه الظاهرة انتشرت في اوروبا مع بداية صعود وتطور النظام الرأسمالي. واستعملت كوصف للفئات الأشد فقرا من النخب العمالية، ومن المعروف ان الطبقة العمالية  آنذاك لم تكن متطورة مهنيا وتكنولوجيا كما هي اليوم، وجذور هذه الطبقة تعود الى فئات من المزارعين والرعاة الذين دمرت الرأسمالية مراعيهم وحقولهم وسيطرت عليها لبناء الصناعة الرأسمالية وحولتهم الى عمال غير مهنيين في صناعتها.. لكن هذه الظاهرة لم تنشأ خارج اوروبا، وتلاشت مع التطور والتحولات الاقتصادية العميقة في المجتمع الرأسمالي. لدرجة انه يمكن الملاحظة ان مفهوم البروليتاريا اصبح غير ذا شأن مع التحولات الاقتصادية العميقة التي انعكست على الواقع الاجتماعي أيضا. اليوم استعمال هذا الاصطلاح لوصف الفئات الاجتماعية المختلفة من موظفين ومهندسين واطباء ومدراء شركات وعمال اصبح مضحكا وبعيدا عن المنطق. وكل مفهوم الصراع الطبقي التناحري (حسب نظرية المادية التاريخية لماركس) تلاشى من عالمنا، طبعا هناك نضالات عمالية مختلفة، لكنها ليست صراعا تناحريا.

مثلا قادة الطبقة العاملة اليوم اصبحوا من النخب السياسية الذين لم ينجزوا غير ارباحهم المادية. مثلا: كوادر العاملين الحزبيين تحسب ضمن ال 1.8 مليون فقير في اسرائيل، أما الزعيم السياسي، مهما تميز بالغباء والتصرفات الهوجاء، فهو ضمن اغنياء اسرائيل، بتجاهل كامل لواقع الفقر والإملاق الذي تعاني منه “البروليتاريا” الحزبية (رفاقه بالنضال). نجد مثلا ان الزعيم (عضو كنيست او رئيس سلطة محلية) يعتاش من دخل بقدر بعشرات الاف الشواكل شهريا عدا الخدمات الهامة والكثيرة التي يحصل عليها بحكم منصبه. أما الموظف الحزبي الذي يقوم بالعمل الأسود، يحصل بصعوبة على معاش الحد الأدنى او أكثر قليلا .. طبعا انا كنت في هذا الفلم لعدة سنوات ولي تجربة مؤلمة تأثيرها السلبي قائم حتى اليوم. للأسف لم يتغير الوضع بل يزداد سوء. ما أعرفه تمام المعرفة انه يوجد تقص بكوادر الموظفين الحزبيين، الوضع الاقتصادي هو السبب؟ حجة مضحكة!! يمكن توظيف كوادر اخرى للعمل إذا تنازل “الزعماء” عن حصة من دخلهم بصفتهم ممثلين لتنظيم سياسي، انتدبهم وزعمهم. مثلا ممثلي الحزب الشيوعي الفرنسي في البرلمان الفرنسي يدفعون 50% من معاشهم ومن تعويضات عملهم البرلماني للحزب، الحزب كلفهم بدور سياسي ولم ينصبهم وجهاء ومخاتير ليغتنوا على حساب الحزب. لكننا لسنا فرنسيين. السؤال: متى تنتفض “البروليتاريا” الحزبية في بلادنا أيضا تنفيذا لتعاليم ماركس نفسه عن الصراع الطبقي بين “البروليتاريا” – فقراء الحزب والبرجوازية اغنياء الحزب، ربما تكون انتفاضتهم تمرينا للثورة الاجتماعية التي تنبأ بها ماركس في ماديته التاريخية. هل تصرفات من يدعون انهم على نهجه هي سبب فشل نظريته عن الصراع الطبقي؟

 

ازمة العقل العربي

استعرضت المناضلة المصرية، الدكتورة في علم النفس نوال السعداوي في مقال لها بعنوان “الطب

النفسي والإلحاد” حديث “علمي جدا!!” أدلى به طبيب نفسي مرموق اعتبر الإلحاد من الاضطرابات النفسية التي تصيب الشباب لأسباب مختلفة منها ضعف الوازع الديني، تدهور الأخلاق بعد ثورة يناير وغياب السلطة الأبوية لسفر الأب الى الخليج أو فقدان الحنان الأمومي لانشغال المرأة عن واجباتها الأسرية بعملها خارج البيت أو طموحها الذاتي. المضحك والساخر جدا تحليل “الطبيب المرموق” لنفسية الملحد، وصفه إنه شخصية هستيرية أو باراناوية، أي مصابة بمرض جنون العظمة ومن ظواهر هذا المرض، حسب الطبيب النفسي.. الوسواس والهذيان اذ يعاني الملحد وسواسا قهريا يميل للتمرد والاستعلاء على السلطة الأبوية الحاكمة أو حتى الإلهية، فيميل إلى الشك والتساؤل والاختلاف عن الآخرين طلبا للشهرة (خالف تعرف)، وقد يكون مريضا بالفصام أو الخلل الشعوري أو اللاشعوري وغيرها من الاضطرابات الوجدانية.

الطبيب أحسن بوصف شخصيته هو نفسه كشخص اصولي غير متزن فكريا وبعيد عن المنطق الطبي والانساني، مضطرب ويفتقد لكل مقومات الشخصية المتزنة، شهادته وتحليله كطبيب هي مجرد ترهات انسان غير متزن، افكاره خرق لا تنفع حتى لبيوت الراحة. الطبيب لم يستوعب ان الحضارات العالمية وما انجزته العلوم من اكتشافات، وانجازات، بعضها يملأ بيته وعيادته، انجزها اشخاص ملحدين .. مرضى البارانويا والوسواس والهذيان، حسب منطقه الساقط والمناقض لأبسط المفاهيم العلمية!

 

العقلانية…

التقى ثلاثة أصدقاء، متفائل ومتشائم وعقلاني في مقهى…

طلبوا أن يشربوا الماء أولا…قدمت لهم ثلاثة كؤوس نصف ممتلئة.

نظر المتفائل لكأسه وقال: الكأس نصف ممتلئة. حرك المتشائم رأسه شمالاً ويميناً برفض وقال: الكأس نصف فارغة. ابتسم العقلاني لزميليه وقال: صديقي العزيزين، الكأس أكبر مرتين من الحجم الذي يجب ان تكون فيه.

اعتقد الفيلسوف الاغريقي سقراط بأن على البشر أن يفهموا أنفسهم أولا قبل أن يفهموا العالم، و أن التفكير العقلاني هو الطريق الوحيد لتحقيق ذلك.

فلسفيا تعتبر العقلانية جزء من التجريبية، لكنها تتمتع بنظرة أكثر شمولية، ولا تناقض بينهما بل متممان لبعضهما. هنالك العديد من الفلاسفة الذين يمكن تصنيفهم بالعقلانيين أو بالتجريبيين.

كما كان يعتقد سقراط، العقلانية هي نهج للإصلاح واستئصال الروح اللاعقلانية والإصلاح الأخلاقي، كي يكون إنسان مكتمل يظهر جوهره الاسمي.

 

الحقيقة المطلقة ..

كان مصابا بلطف الله يدور في شوارع مدينتي، الناصرة… ويدعو الله ان يميت كل الأطباء ويهدم كل المستشفيات حتى لا يظل ولا مريض… بالنسبة له هذه هي الحقيقة. فهل كان يستطيع أحدا ان يقنعه عكس ذلك، بأن المستشفيات والأطباء هم ضرورة لعلاج المرضى وليس لجعل الناس مرضى؟!

هل نستطيع ان نقول انه توجد حقيقة مطلقة خارج وعي الانسان؟ او يوجد موقف فكري مطلق صحيح في كل الظروف؟ وانه يوجد انسان مطلق الفهم والرأي، من طينة خاصة -كما وصف ستالين الشيوعيين في زمنه، وظلت هذه الفكرة الستالينية الغبية والمدمرة سائدة حتى أيامنا الراهنة، في أوساط غير شيوعية أيضا.

يطرح مفهوم الحقيقة ضمن عدة مجالات في حياة الانسان منها الفلسفة والفن واللاهوت والعلوم والاعلام، بالتلخيص استنتاجي الشخصي انه لا توجد حقيقة مطلقة خارج وعي الانسان!!

 

الوعي

الفلسفة هي الوعي. وتمثل الأساس النظري لرؤية ومكانة الانسان في العالم. والفلسفة هي الاشارة الأولى لانفصال عالم العمل الذهني عن العمل الجسدي. بمعنى آخر، بالتفكير الفلسفي يمكننا من إدراك حقائق عن

الكون والحياة عبر إدراك ماهية الأشياء. أي لا يمكن ان ندرك شيئا يفتقد للمنطق. لا يمكن ان نصدق ان الإنسان قادر على الطيران بدون آلة. لا يمكن ان نصدق ان البقرة تلد حماراً. لا يمكن ان نصدق ان هناك إنسان يعيش على ثاني أكسيد الكربون.

اذن الوعي هو ما يشكل قناعات الانسان من أفكار ووجهات نظر ومفاهيم عن الحياة والطبيعة من حوله. وقد يكون الوعي وعيا زائفا، خاصة بسبب التأثير السلبي للموروثات الخرافية. فنجد ان افكار الإنسان ووجهات نظره ومفاهيمه غير متطابقة مع الواقع من حوله، جزئيا او بشكل مطلق.

 

الادراك

الإدراك هو عملية معرفية لتكوين صورة متكاملة لكل مواصفات الشيء، مثلا طاولة، لها مواصفاتها. أي اف في الشكل لا يلغي المواصفات. هذا يعتبر إدراكاً لشيء، أي ان الإدراك يتّسم بالثبات والاستقرار النسبي وهو غير ممكن بدون وعي الانسان.  والانسان يكتسب المعرفة أيضا عبر الادراك!!

 

اللوجيكا

العلم كما تعلمون هو ميدان يبحث في مختلف جوانب الحياة بصفتها نسقاً متكاملاً، وهو أحد أهم ميادين النشاط البشري. لكن للعلم منطقه، منطق العلم… تعبيره اللاتيني “لوجيكا”. اذن اللوجيكا هي المنطق العلمي.. والمنطق العلمي يرفض أي منطق آخر لا يعتمد على المعرفة والإثبات المدرك وليس بالاعتماد على اللغو والحكايات والتخيلات مهما كان مصدرها ومهما كان تقييمها عظيماً من البعض.

لا توجد ظاهرة في الطبيعة او الحياة او العلوم أو المجتمع، او عالم السياسة.. لا تفسير لها.. قد يكون تفسيراً ناقصاً، لكن له اسسه التي تقود الى اكتمال معرفة الظاهرة. من هنا اهمية الفلسفة أيضا لأن الفلسفة هي انتصار العقل على النقل والتأويل. اتركوا الحكايات للعجائز، لا شيء يخسرونه ولا شيء جديد يكسبونه. اما ابناء الجيل الجديد فقد يخسرون عقولهم وتقدمهم نحو القمة إذا لم يجعلوا من “اللوجيكا” – المنطق العلمي… مقياسا للحقيقة وقاعدة عقلية في قبول او رفض الطروحات المختلفة.

 

الطريقة الانديكتيفية

تعتبر الطريقة الانديكتيفية أفضل الطرق للوصول الى الحقيقة، تعني هذه الطريقة دراسة المعطى الواحد وصولاً الى سائر المعطيات، البحث في تفاصيل كثيرة ومقارنتها ببعضها البعض، من أجل استخلاص القاسم المشترك بين كل المعطيات التي تجمع مثلا من ساحة جريمة ما بتفاصيلها المختلفة. بذلك برع المحقق الاسطوري شارلوك هولمز في حلّ ألغاز الجرائم المعقدة. صحيح ان شارلوك هولمز من عالم الخيال القصصي ولكن نفس الطريق متبعة اليوم في أقسام الشرطة التي تحقق بالجرائم. نفس الطريقة متبعة اليوم في العلوم الطبيعية على الأخص، اذ عبر التجارب والمراقبة واستخلاص القاسم المشترك للظاهرة أو الظواهر الطبيعية، نصل الى إقرار قواعد وقوانين علمية. إذا اتبعتم نفس الطريقة في تفكيركم بالأشياء والقناعات الموروثة او الطارئة ستصلون الى حقائق جديدة. بدون ذلك تفتقدون اهم مميزات التفكير. عقلكم مصادر لأساطير وحكايات عجائبية تلغي فائدة عقولكم…تستصعبون التخلص من الأساطير والقصص الغرائبية؟ اذن اذهبوا لتكنيس الشوارع…

حكاية عن التفكير الانديكتيفي

كان شارلوك هولمز يطارد مع معاونه مجرماً هارباً، في الليل نصبوا خيمة صغيرة وناموا داخلها في الخلاء. استيقظ هولمز ونظر إلى النجوم والقمر.. وأيقظ معاونه، قال له:

– انظر إلى السماء وقل لي ماذا ترى؟

نظر المعاون وقال بعد تفكير مقلدا أسلوب سيده شارلوك هولمز:

– أرى ملايين الكواكب، استنتج من ناحية علم الفلك، انه يوجد ملايين الكواكب السيارة ومليارات النجوم، استنتج من مستوى سواد الليل ان الساعة قريب الثالثة صباحا، استنتج من ناحية علم التنجيم ان كوكب زحل في برج الأسد اليوم. استنتج من ناحية علم الأرصاد الجوية ان اليوم سيكون جميلا ومشمسا، ومن ناحية لاهوتية استنتج ان الله هو القادر على كل شيء وإننا نحن صغار وعديمو أهمية.. كيف ترى ملاحظاتي يا معلمي؟

– أنت عظيم الغباء يا معاون، لم تلاحظ أهم شيء، بأننا ننظر إلى السماء مباشرة لأننا بدون الخيمة التي نمنا داخلها.. مما يعني ان الخيمة سرقت ونحن نيام؟!

 

فلسفة المعنى

 

لو تحدثنا عن معنى “فلسفة المعنى” فإننا سنواجه اتجاهات عديدة متناقضة، سأشرحها لكم بجملتين: “المرأة ترتب البيت قبل حضور الشغالة، الرجل يرتب السرير بعد مغادرة الشغالة”. اذن لكل حالة او شخص

معنى مختلف من الشغالة.. ودلالة المعنى تظهر في تصرفاتهم.

اذن معنى فلسفة المعنى يختلف. تماما كما ان المرأة تحب ان تسمع كلمة “أحبك” بينما الرجل يحب ان يسمع كلمة “أريدك”. هنا يجب ان ننتبه للمدلولات المختلفة من وراء المعاني المختلفة أيضا.

كيف نوفق بينهما؟ هل يتوهم شخص عاقل انه يمكن التوفيق بين المعنيين والمدلولين؟!

ستفشلون عندما تحاولون. ماذا يعني الزوج لزوجة ملت من زوجها بعد سنوات طويلة؟ ماذا ستقول له حتى لا تكون غبية وفظة؟ عليها ان تختار مدلولاً مناسباً لمعنى مللها. ستقول له: آه يا زوجي الحبيب، انت تذكّرني بالقارب البحري الذي ركبناه أثناء شهر العسل قبل ربع قرن. ليس لزرقة عينيك الشبيهة بزرقة البحر، وليست بسبب قمصانك الواسعة الجميلة التي تشبه شراع القارب، وليس بسبب شعرك الغزير الناعم الذي يتطاير في الريح، والسبب يا زوجي الحبيب أنى كلما أراك أصاب بالغثيان الذي اصابني بالقارب.

 

الشهوة

1-      العقل عدو الشهوة، الانسان الذي تحركه شهواته لا عقل له.

2-      ان سيطرة الانسان على شهوته تبدأ بالمأكل والمشرب.

3-      من تقوده عيناه يتميز بعقل منفعل وليس فعالا.

4-      ابقراط-فيلسوف اغريقي قال: من المفضل فحص الشهوات حسب السؤال التالي: ماذا يحدث لي إذا استجبت للشهوة وماذا يحدث إذا لم استجب؟

5-      ديمقريطوس-فيلسوف اغريقي قال: إذا عرفت كيف تتوجه لأعماق نفسك تجد ثروة من القوة التي تمنعك من مجمل شهواتك السيئة.

6-      أرتور شوبنهاور (1788 – 1860) فيلسوف ألماني تشاؤمي قال: مقابل كل شهوة حصلت عليها تبقى على الأقل عشر شهوات غير محققة!!

 

الانسان

1-      ارسطو – فيلسوف اغريقي قال: الانسان هو المواطن في المدينة (الدولة).

2-      افلاطون – فيلسوف اغريقي قال: على الإنسان -الذي ينتمي إلى عالمين – أن يتحرر من الجسم (المادة) ليعيش وفق متطلبات الروح ذات الطبيعة الخالدة.

3-      فرانسيس بيكون (1561 -1626) فيلسوف إنجليزي، معروف بقيادته للثورة العلمية قال: بنو الانسان ليسوا الحيوانات التي تمشي بقامة منتصبة، انما آلهة من ابناء الموت.

4-      مارتن هايدغر -فيلسوف ألماني (1889 -1976) قال: اقرار ماهية الانسان لن تكون اطلاقا مجرد جواب بل هي دائما السؤال.

ديفيد هيوم (1711 -1776)، فيلسوف واقتصادي ومؤرخ أسكتلندي قال: الانسان هو العدو الأكبر للإنسان.

5-      يعقوب كاتسكين -(1882 – 1948) فيلسوف يهودي (روسيا) قال: أكثر مما يعرف عن قيمة

الانسان الكبرى يعرف أكثر بصغائره.

6-      رأيي الخاص: الإنسان هو الإله … لكنه نسي ذلك وعبد إله آخر.

 

الأخلاق

1-      فرانسيس بيكون قال: كل فلسفة أخلاقية جيدة، ليست الا خادمة للدين.

2-      يشعياهو ليبوفيتش قال: الحكم الأخلاقي يتعلق بالفعل نفسه وليس بنتائجه.

3-      المفهوم الماركسي: الأخلاق هي شكل من اشكال الوعي الاجتماعي، مؤسسة اجتماعية تقوم بتنظيم سلوك الناس في كافة ميادين الحياة.

4-      الأطيقا (كلمة يونانية تعني علم الأخلاق) بدأت تتشكل منذ العصور القديمة وكانت تعتبر جزءا من الفلسفة (علما فلسفيا)، شهد تاريخ فلسفة الأخلاق صراعا واسعا بين المفاهيم التي تقول ان الأخلاق تتحدد بناء على ارادة ربانية (أي لا تفسير منطقي لها) او انها تتحدد بناء على تطور الوعي الفردي والجماعي للإنسان وعلاقته بالوسط المحيط به.

5-      ثراسيماخوس فيلسوف اغريقي قال: أن الأخلاق ما هي إلا مجموعة قرارات وقيود يفرضها أصحاب السلطة والقوة على شعوبهم

6-      سقراط فيلسوف اغريقي قسم نظريته الأخلاقية إلى قسمين. الأول يقول بأن مشكلة الأخلاق يمكن أن تحل عندما نفهم طبيعة النفس البشرية. الثاني، يقول بأن فهم طبيعة النفس البشرية تكون ممكنة، عندما نقوم بدراسة المدينة أو المجتمع.

7-      رأي شخصي: ما هو صحيح أخلاقيا أمس لم يعد صحيح كما هو اليوم، وما هو صحيح اليوم سيتغير في المستقبل.

 

الأمل

1-      رالف أمرسون (1803-1882) أديب وفيلسوف أمريكي قال: ان قلة الأمل والشك هما انتحار بطيء

2-      فرانس بيكون قال: الأمل هو وجبة افطار جيدة ولكنها وجبة عشاء سيئة.

3-      جوزيف زوبر (1754 -1824) كاتب فرنسي قال: الأمل هو الحصول على قرض من السعادة.

4-      سانكا – فيلسوف روماني (ولد4  سنوات قبل الميلاد) قال: الخوف رفيق للأمل

5-      يعقوب كالتسكين – الأمل هو الروح الإضافية للمساكين.

6-      شبينوزا – فيلسوف يهودي هولندي (1632 – 1677) قال: لا يوجد أمل بلا خوف ولا خوف بلا أمل.

7-      راي شخصي -معظم الآمال هي أحلام .. لا تتحقق الا في النوم !!

 

الهدف

1-      اينشتاين عرف “الهدف” بهذه الكلمات: تطوير الوسائل وخلط الأهداف هو ما يميز زمننا !!

2-      وصف الفيلسوف الاغريقي ارسطو الهدف بقوله: من السهل اخطاء الهدف ولكن من الصعب

اصابته!!

3-      الفيلسوف فرانسيس بيكون قال: ليس من المحبذ الركض بمسار محدد عندما لا يحدد الهدف نفسه بدقة!!

4-      الفيلسوف الفرنسي ميخائيل دي مونتين(1533-1592): النفس التي لا هدف ثابت لها تفتقد للطريق !!

5-      الكاتب الروسي تولستوي قال: يجب العيش من اجل هدف مشترك، هكذا تعيش ذوات الأجنحة، وهكذا تعيش النباتات.

6-      قاموس الفلسفة الماركسي: الهدف هو استباق مثالي وذهني لمجمل النشاط وسبل بلوغه بواسطة ادوات معينة.

 

الحب

1-      قال أحد الفلاسفة ان الجنون هو الطريق للحب…ويقول مثل روسي ان الحب هو مجنونان يصنعان الثالث. إذن الجنون مرض لا شفاء منه للإنسان!!

2-      الحب لا يعني التسلط والاخضاع .. بل التحليق في فضاء الحرية والابداع.

 

رؤية حضارية

1-      الغطرسة تصبح خطرا ليس عندما تسود أخلاق الناس العاديين بل عندما تسود اخلاق السياسيين.

2-      الانسان الحر هو الانسان الذي لا تضلله الخرافات والأساطير

3-      الاتساع الكبير المتواصل بلا توقف في علوم الطبيعة يهدم بتواصل الضحالة الفكرية التي تميز المؤسسات الدينية ورجالاتها!!

4-      يبدو اننا كمجتمع نتحرك الى الخلف. تضييق متواصل لمساحة حرية الرأي وحرية الابداع. اواجه ذلك مع كل عمل ادبي غير تقليدي، إذا اقتربت من الدين ببعض المنطق فانت على ضلال. يجب ان تخضع لمن وضعوا أنفسهم مقررين ما يجوز وما لا يجوز للعقل العربي ان يطرق ابوابه. تسقط عليك المواعظ مثل المطر وانا على ثقة ان اصحابها لا يفقهون سوى حرفيتها.

5-      رؤية في التنبلة: في الثرثرة لا يسبقنا أحد. لا تعجبك جملة؟ خذ عشرة غيرها. لا يعجبك موقف؟ نحن كرماء وانت تستحق. خذ عشرين غيرها. لا يعجبك اللقب الذي انزلناه عليك…؟ نجد ألقابا أخرى.

6-      رؤية سياسية: المنطق ان لا يواجه العاقل الأغبياء. بل ان يبتعد بذكاء لأن ايقاظ العقل النائم لدى الأغبياء يحتاج الى مسيرة تاريخية لم تبدأ بثقافتنا بعد.

7-      لا تقلد عدوك بجرائمه، حتى لا تصبح عدو انسانيتك.

8-      اكليل الغار للأدباء هو نسخة من اكليل الشوك الذي وضع على رأس المسيح !!

9-      اقصى درجات العدل .. لا شيء عادل فيها، اوسطها هو أعدلها!!

 

الواجب

الواجب مفهوم أخلاقي لإنسان اجتماعي. الحيوان بلا وعيه، بل بغريزته… يقوم بواجبه نحو جماعته، عادة واجبه هو البقاء الجماعي للجنس او الفصيلة التي ينتمي اليها. الانسان يحركه وعيه، (او فقدان الوعي، بحالات لم تعد نادرة في زمن الدواعش). البعض يعرف الواجب كضرورة أخلاقية، او التزام أخلاقي نحو عائلة، جماعة، مجتمع، دولة.. الخ. الواجب لدى البعض اتخذ صيغة دينية، وعلى رأس هذا التيار الفيلسوف الألماني هيغل تحت صيغة ما سماه “أخلاق مسيحية”. هذا الفهم ضيق.. لأن غير المسيحي او الملحد لا يتنكر لواجبه نحو المجتمع الذي يحتضنه حتى لو كان مجتمعا جديدا انتقل اليه. اليوم هناك مفاهيم تربط الواجب بكون الانسان نتاج اجتماعي، واجب مجتمعه نحوه لم يكن اكراها، وواجبه نحو مجتمعه ليس اكراها ايضا. تيارات أخرى دمجت بين الواجب والأطيقا الأخلاقية. أي ان الواجب هو خيار أخلاقي. في المجتمعات البشرية هناك تطابق في المصالح بين الفرد ومجتمعه وبالتالي الواجبات المتبادلة بين المجتمع والفرد.

 

الرازي

يعتبر الرازي من أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق اسمه الكامل أبو بكر محمد بن يحيى بن زكريا الرازي وهو فيلسوف وطبيب فارسي (864 -923)، ولد في مدينة الري. ألف كتاب “الحاوي في الطب” الذي شمل كل المعارف الطبية منذ أيام الإغريق حتى عام 925م وظل المرجع الطبي الرئيسي في أوروبا لمدة 400 عام

اشتهر الرازي بفلسفته الجريئة التي دحض بها النبوة وانتقد الديانات التي يقال انها منزلة ونقد اخلاقها. أنكر الوحي ودور الانبياء كوسطاء بين الله والبشر. وكانت اعتباراته اخلاقية وعقلانية. أكد ان النبوة تقود الى افساد اخلاق الناس والى سفك الدماء واعتقاد البعض ان الله خصهم بالوحي.

 

التعصب

التعصب ظاهرة اخلاقية، مصدر التعبير من اللاتينية -fanaticus -نستعمله بالعربية ايضا “فناتي” ويعني شديد الحماس جنوني. يتجلى التعصب بالتعلق غير الواعي والفاقد لكل المنطق الانساني البسيط وللعقل المتزن بفكرة معينة ومواقف مسبقة لا تعتمد على قاعدة اخلاقية او عقلانية. بل أشبه بالغريزة التي تميز الحيوانات.

يعني التعصب (الفناتي)ان كل من ليس على رأيي هو عدوي. وكل من ليس بجنوني هو منحرف. ووسائل المتعصبين لا تتردد في سفك دماء المخالفين. البشرية عانت من هذه الظاهرة في تاريخها، بدءا من محاكم التفتيش وصيد الساحرات في القرون الوسطي. في عصرنا الحديث نشا التعصب بأساليب مختلفة مثل المكارتية في أمريكا والجدانوفية في الثقافة السوفييتية في فترة ستالين والثورة الثقافية في صين ماو تسي تونغ، بالتلخيص هي ظاهرة معادية للعقل وللبشر وللحياة وحق التعددية الثقافية والاثنية والدينية. واليوم يدفع العالم العربي ثمنا رهيبا لظاهرة التعصب “الفاناتي”!!

 

اللغة

اللغة جسم حي ومتطور باستمرار، لكل عصر لغته، مفردات ومعان ومناخ ثقافي وفكري، وهي ميزة للإنسان وهي تصدر عن عقل يفكر، والإنسان السليم يعي عادة ما يقول. أنت تتحدث إذن أنت تفكر.  منذ فجر الفلسفة اهتم الفلاسفة بفلسفة اللغة (البعض يسميها فلسفة اللسان)، بالكلمات ومعناها، والأهم الدقة في صيغة التعبير، والعلاقة بين القدرات التعبيرية والقدرات الفكرية.

الحيوان لا يتحدث إذن هو لا يفكر. في الدراسات الحديثة، التي برز فيها الفيلسوف الإنساني نوعم تشومسكي، اعتبر ان “دراسة اللغة ترتبط بدراسة الفكر البشري وان اللغة تفرض على الإنسان طريقة التفكير”، إذن فلسفة اللغة هي فلسفة تدرس التفكير البشري. اللغة هي ميزة للإنسان وهي تصدر عن عقل يفكر، والإنسان السليم يعي عادة ما يقول.

الظن ان هناك لغة مقدسة هو ظن قاتل للغة. حتى لغة المسيح المقدسة كما توهم اصحابها اندثرت واختفت تقريبا. في العقود الأخيرة تتطور لغة عربية حديثة تفرض نفسها رغم ان بعض مفرداتها يتناقض مع اساتذة معاجم اللغة. انها ” لغة الصحافة ” وهي في الحقيقة اللغة الفصيحة السهلة المعاصرة الأكثر سرعة في التكيف مع الواقع. ان لغة الصحافة، هي اللغة ذات المفردات الأكثر استعمالا وفهما في محيط اللغة العربية الواسع. قيمة اللغة انها اداة للمعرفة أيضا ونقل الخبرات، لكنها ايضا أداة لشل المخ وإعادة الإنسان إلى أسلافه قبل التطور!! الاختيار يحتاج الى وعي. لكن المجتمعات غير المتطورة يُنفى فيها الوعي ويقمع!!

 

الخيال

الويل لإنسان يعيش بلا خيال. الفلسفة تعرف الخيال بأنه نشاط نفسي يقود الانسان الى صور حسية وذهنية هي نتاج ما لديه من تجربة ووعي. انسان بلا تجربة يفتقد للوعي ويبقى عقله محدد بالتلقين لأفكار بدائية انتهت صلاحيتها. الخيال يقود الانسان نحو تعميق الادراك او تعميق الأوهام. الأمر وقف على قدرة العقل ان يتحرر من سطوة القيود الخرافية. نجد حتى عقولا علمية عاجزة عن التخيل المتحرر من القيود الخرافية أحيانا من الصعب فهم قدرتها على دمج العلم بالخرافة في تفكيرها. الخيال ضروري في الوصول الى تطوير الابداع بكل اتساعه المادي والروحي. أو شل العقل وجعله أداة يتحكم بها الآخرون.. وهي الظاهرة السائدة في التدين.

 

الحضارة

هي باختصار المدنية (التمدن) والقصد مجمل ما ينتجه المجتمع من الخيرات المادية والروحية، أي الصناعة والزراعة والعلوم من جهة والابداع الروحي -الأدبي والفني من جهة أخرى. مفهوم الثقافة يستعمله البعض كتعبير عن الحضارة أيضا، ليس خطأ فالثقافة هي القيم الروحية الابداعية. وتطورها يرتبط بشكل كبير بتطور انجازات المجتمع المادية التكنيكية. في عصر العولمة نجد ان الثقافة بمفهومها كإبداع روحي جمالي تجاوزت اطرها الجغرافية الى آفاق عالمية واسعة، لذا نشهد تناقضا عميقا بين الابداع الروحي والواقع الفكري المنغلق السائد في المجتمعات ضعيفة التطور المادي التكنيكي.

يعتبر البحث العلمي والابتكارات التكنولوجية وتطور الآداب والفنون من جوهر الرقي الحضاري. ان العلم والفن هما عنصران متممان في أي حضارة انسانية.

 

الديمقراطية

 

من اليونانية وتعني حكم الشعب، الهدف مشاركة المواطنين في الادارة والمساواة امام القانون وتوفير الحقوق والحريات الشخصية، في الواقع لا شيء من ذلك. اثناء الزيارة الشهيرة للزعيم السوفييتي خروتشوف للولايات المتحدة الأمريكية (1959) تجادل مع أيزنهاور الرئيس الأمريكي آنذاك حول الديمقراطية، قال ايزنهاور ان المواطن الأمريكي يستطيع ان يشتم الرئيس الأمريكي وهو بلصق البيت الأبيض دون ان يحاسبه أحد. فرد خروتشوف:” نفس الشيء في الاتحاد السوفييتي المواطن السوفييتي أيضا بلصق الكرملين يشتم الرئيس ايزنهاور ولا يحاسبه أحد!!

 

الشك

الشك هو الطريق الى اليقين والمعرفة، والشك يطرح التأويل العقلي لكل الظواهر غير الملموسة والمتخيلة، وأكثر مجال يحتاج الى التأويل العقلي القصص الدينية، التي تفتقد للمنطق السليم!!

 

الابداع

ظاهرة تميز الانسان المدرك الذي يطرح على نفسه تحديات أخلاقية وضميرية ويرى التحدي الكبير في حياته بالتجديد الدائم في الفكر والأخلاق. لا ابداع بدون عقل. من جعل عقلة ناقلا لما يلقن به سيعيش حياته على هامش البشر.

 

الابتذال

ظاهرة اخلاقية تفتقد لاحترام الذات تحط من قيمة الانسان الروحية، يتميز أصحابها بالفهم المحدود وبجلد التماسيح، والابتذال تحقير لكل ما هو سام وعقلاني وهي ظاهرة تنتشر في الدين بتوسع حيث يتستر المبتذلون بالثرثرة الدينية دون فهم محتواها، كذلك نشهدها بالسياسة لكن يسميها البعض ديماغوجيا!!

 

الأخلاق

نوع من الوعي الانساني والاجتماعي ينظم سلوك الناس، وبعض الناس تبقى خارج هذا النظام. قال خروتشوف الزعيم السوفييتي عندما سؤل عن المسيح، انه يقبل كل ما قاله المسيح الا التسامح مع العدو لأنه إذا ضربه عدوه على خده الأيمن سيرد عليه الضربة بحيث يفصل راسه عن جسده!!

اذن الأخلاق لا تعني الاستسلام امام العنف، بل مقاومته وهزمه ايضا!!

 

الجمال

الجمال صفة أخلاقية اولا، تنعكس ايجابيا على المرأة، والجمال يرفض اي منطق يعتبر المرأة عورة يجب اخفائها لأنه يخلق منها شيئا مناقضا لإنسانيتها!! والجمال يحتاج الى عقل ابداعي.. بدونه لا نجد الا السراب!!

 

ابن رشد

برزت عظمة ابن رشد بإنكاره الفهم الديني لبقاء النفس، وكان يرى ان الخلود هو للعقل الجماعي للبشرية، وعلى المعرفة الفلسفية والعلمية التي تغتني وتتطور من جيل الى آخر.

هذه الأفكار التي سبق بها ابن رشد عصره، ساهمت في تطور الفكر المتحرر في اوروبا في العصرين الوسيط والحديث. ويمكن القول انه من اوائل الفلاسفة الذين راوا اهمية دور المرأة في تنشأة الجيل الجديد، وطالب بإنصافها اجتماعيا.

الفكر الديني الاسلامي رفض افكار ابن رشد، لذلك نشاهد اليوم اوروبا متطورة تستقبل اللاجئين الهاربين من مذابح احفاد الذين حرقوا كتب ابن رشد!!

 

النجاح

النجاح يحتاج الى مواصلة الطريق وغالبا ما تكون ذات اتجاه واحد .. لا تنتظر أي حافلة لتقلك لنهاية الطريق.. يجب ان تعتمد على ذاتك وعنادك للوصول الى النهاية.. لكن على الاغلب بعد النهاية توجد طريق أخرى… لذلك النجاح له طرق متتالية لا نهاية لها!!

 

الشغف

يعتبر الشغف ضمن أهم المحركات للنشاط حين ننشغل بما يثير اهتمامنا. المهني شغوف بما ينتجه، لذلك يبدع في انتاجه، الكاتب (او الشاعر) شغوف بما يكتبه، لذلك ينشط فكره للوصول الى أفضل التعابير والصور القلمية، ودواليك.. واهم عامل في الشغف هو الدافع الكبير للتعلم والمعرفة والتطور.. لا ارهاق في الشغف، بل متعة لا مثيل لها للمبدعين في جميع مجالات اختصاصاتهم. سؤلت مرة ما هو الابداع؟ اجبت انه اورغيا تختلط فيها المشاعر مع عملية الابداع، ولكن هناك قليلي عقل يصفونها بالمعاناة، اطلاقا لا معاناة في الابداع بل لذة .. لذلك استعملت وصفا جنسيا -اورغيا!!

 

الفكر

الفكر هو ظاهرة بشرية. الانسان يفكر، لكن هل يقود الفكر الى احداث قفزة في حياة الانسان؟

افكار كثيرة تشغل البشر، فقط عدد قليل يحولون الأفكار الى عامل مادي يوفر متطلبات هامة لهم وللآخرين. من اهم متطلبات الفكر ليكون متطورا وراقيا الانصات، التفكير بما يقال، الفضول لمعرفة ما يفكر به الآخرون، القدرة على حل اشكاليات مختلفة في الحياة والنجاح ببناء علاقات صداقة مع الناس.

الد اعداء الفكر، ان يظن الانسان ان ما ورثه هو الشيء الوحيد الصحيح، عندها يصبح شكلا بشريا وعقلا بلا تفكير!!

 

العمل

لا شيء يظهر لوحده، كل شيء يحتاج الى عمل من اجل انتاجه او ابداعه، حتى الفكر الذي يصلنا بالتعليم او بالتلقين يحتاج الى عمل عقلي لفرز الصحيح من الطالح عبر التجربة الحياتية. حتى العمل الصعب جدا يكون مثيرا وجذابا إذا كان المنتوج ضروريا لحياة الانسان المادية أو الفكرية. المهم ان نستوعب انه لا ابداع ولا انتاج بدون التفكير والتخطيط وفهم الهدف من العمل الذي نقوم به حتى لو كان في منتهى القساوة او الصعوبة… اما من يقلد بدون عقل، فهو سيبقى هامشيا او كيانا غريبا في الواقع البشري.

 

الفلسفة

شهد عالم الفلسفة تفسيرات كثيرة منها ما قاله ابيقراط (المشهور بأنه أعظم الأطباء وصاحب القسم الطبي) قال ان الفلسفة فارغة من المضمون إذا لم تساعد على شفاء ما يعانيه الانسان من ضيق، ولا قيمة للفلسفة إذا لم تبعد عن الانسان الأمراض النفسية.

اما ارسطو فيقول إذا انت قلت انه توجد ضرورة للفلسفة فعليك ان تتفلسف، وإذا قلت انه لا ضرورة للفلسفة اذن عليك ان تتفلسف لتفسر رأيك، بأي شكل كان انت يجب ان تتفلسف.

الفيلسوف وليم ديلتي (1833 -1911) قال ان القيمة الحقيقية لكل فلسفة جادة ومضمونها هو التربية حول

المعنى الأوسع للغاية لنظرية تكون الانسان.

يقول كارل ياسبرس (فيلسوف وعالم نفس 1883 -1969) ان كل تاريخ الفلسفة الممتد منذ 2500 سنة هو لمحة بصر فقط لوعي الانسان لذاته”

 

الآباء والبنون

هذا الموضوع شهد كتابات لا عد لها. تجد نصوصا من الطالح الى الصالح تعالوا نفحص بعض ما قاله الفلاسفة وغيرهم من اصحاب الرأي.

سارتر قال ان القاعدة الهامة هي انه لا يوجد آباء صالحين. لا يمكن اتهام الآباء.. انما السبب في علاقة الأبوة المختلة، حقا لا يوجد ما هو أجمل من ان نرزق بأولاد، ولكن ان نكون آباء للأولاد هذا مخيف. لو كان ابي حيا لتمدد فوقي وسحقني تحته، لكن لحسن حظي مات والدي صغيرا.

رجل دين قال: الجنين يعيش مع امه وبفضلها، الولادة هي فقط خطوة واحدة باتجاه الحرية وعدم البقاء متعلقا.

الفيلسوف الفرنسي ميشيل دي مونتين (1533 1592) قال ان بكاء الوريث هو ضحك مخفي.

الكاتب الفرنسي البير كامو قال: أمي ماتت اليوم، او ربما أمس. لا أعرف.

قال أحد الحكماء أحيانا كثيرة يتعلم الابن من ابيه، والأب تتحسن معرفته لنفسه بعد ولادة ابنه.

 

الانسان

الفيلسوف الألماني نيتشة قال: كل انسان وانسان هو اعجوبة مميزة لا تتكرر.

جورج سانتيانا قال: أنتم عبرتم الطريق من دودة الى انسان، ولكن بقي فيكم الكثير من الدودة.

مجهول قال: نحن ابناء البشر لسنا مثابرين وممنوع ان ينسب لنا ثبات ما، نحن أشبه بفسيفساء تتغير من مكان الى مكان ومن لحظة الى لحظة أخرى.

ماركس قال: ابناء البشر هم بنفس الوقت مؤلفي الدراما عن أنفسهم وممثليها.

الفيلسوف عمانوئيل كانط قال: الانسان هو انتاج بغيض عليه ان يعيد المادة التي صنع منها الى كوكب الأرض بعد ان كان لفترة قصيرة صاحب قوة حية.

 

التصرفات

ماركوس اوريليوس امبراطور روماني وفيلسوف، قال: تصرف كل يوم بحياتك وكأنه يومك الأخير.

مثل غير معروف الهوية: لا تعمل لتكن ناجحا بل اعمل لتكن ذو قيمة.

مثل روماني: ان اصطلاح انسانية لا يعني الطبيعة بشموليتها انما التصرفات التي تليق بالطبيعة البشرية.

الفيلسوف كانط: تصرف بطريقة بحيث تبغي ان تكون محورا لتصرف الانسانية كلها

قال رجل دين: يجب ان لا يخاطر الانسان بتصرف ربما لا يكون عادلا.

اوغستينو -فيلسوف روماني” لا يوجد اي حق من اي نوع ما لأي انسان الا للقيام دائما بواجبه.

كونفوشيوس -مؤسس ديانة صينية -برؤيتك لإنسان صالح حاول دائما ان تقلده، برؤيتك انسان طالح ابحث عن سيئاته بنفسك.

الكاتب البير كامو (فرنسي) كل شيء مسموح لا يعني ان هناك شيء غير ممنوع.

 

الحرية

ميجل دي اونامونو -فيلسوف واديب اسباني (1864 -1936) قال: بالعبودية يبحث الانسان عن الحرية وبالحرية يبحث عن الاستعباد.

مثل: الحرية تؤخذ ولا تعطى!!

رالف امرسون-فيلسوف وشاعر أمريكي (1803 -1882): الحرية هي فاكهة تنضج ببطء

دِني ديدرو (1713 -1784) فيلسوف وكاتب فرنسي. من قادة حركة التنوير قال: كلمة الحرية تفتقد للمعنى، لا يوجد ولا يمكن ان يكون اشخاص مخلوقين أحرارا.

كارل ماركس، الفيلسوف الثوري المادي قال: الحرية الحقيقية لا تتحقق ولا تنمو إلا بالتغيير الثوري للمجتمع ككل.

فيلسوف مجهول من عصر التنوير: اسقاط الماضي الميت هي الخطوة الاولى الى الحرية والتحرر

 

عالمنا

في الفلسفة اليونانية القديمة طرح أحد الفلاسفة سؤالاً على زميل له: “ما الذي يجعل كرتنا الأرضية ثابتة في الفضاء؟” أجابه: “يحملها أحد الآلهة” سأله: “ومن يحمل الإله؟”: أجابه: “إله آخر”. سأله:” والآخر من يحمله؟”. أجابه: ” ايضاً إله آخر الى ما لا نهاية إله تحت إله تحت إله الى ما لا نهاية”. اذن جوهر عالمنا انه لا شيء من لا شيء. كل شيء يعتمد على شيء آخر. سلسلة بلا نهاية.

 

المبادئ

– المبادئ تعني فلسفيا مجموعة من القواعد التي تشكل أساسا أخلاقيا للإنسان، ولذلك نجد عدة مبادئ حياتية بمجالات متعددة تشمل كل مناحي الحياة، وهي ليست قاعدة للجميع بالشر. لكل إنسان منا مبادئ. رؤية للحياة. قد لا تعجب البعض. الفيلسوف لا يقول أبداً لمن يرفض رأيه ومبادئه: “هذا ما لدي، اقتنع بما تشاء.” انما يقول له: “إذا لم تعجبك مبادئي التي طرحتها، عندي مبادئ أخرى، في النهاية سأصل الى تسويق رؤيتي”. لذلك أقول لكم ان الفلسفة لا تنهزم.

تطبيق المبادئ ليست  فقط على مستوى الفرد والمجتمع، بل يمكن تعميمها على مستوى دولي وعالمي. عادة قوانين الدول تشمل المبادئ العامة التي تنظم الحياة الاجتماعية، او حتى العلاقات الدولية

 

 

لغز الإدراك

عندما قال الفيلسوف الفرنسي الكبير ديكارت ” أنا أفكر فأنا موجود” كان يعني انه يفهم أهداف ونتائج مكانته بين الناس. من هنا اقول ان كل انسان سوي يدرك مكانته في المجتمع ويتحكم بسلوكه، هو انسان موجود وفعال في الحياة، وهي ظاهرة للإنسان فقط، من يفتقد هذه الصفة السوية يعود عمليا الى مرحلته يوم كان جزءا من عالم الحيوان، لأن الحيوان لا يدرك، بل يتصرف بناء على غريزته. الأبحاث الاثنوجرافية بينت انه حتى الانسان القديم حاول ان يفهم ايضا جوهر نفسيته وميز بين الأفعال وطور بإدراكه مهاراته وسلوكه وصولا الى مرحلتنا الراقية، لكن للأسف هناك من بقي في عالم الحيوان الذي

سبق الانسان القديم. مظهره البشري لا يعني ان فكره وعقله ينتميان لعالم الحضارة البشرية.. بل لماضي خرافي مليء بأوهام واساطير وخرافات وحكايات لا تمت للمنطق البشري البسيط، من يصدقها يفقد القدرة على التفكير الابداعي والتأقلم بعالم مبني على العلوم والانجازات التي غيرت مبادئ وقيم واخلاقيات العلاقات بين البشر.

طبعا يبقى جوهر الادراك موضوعا يحتاج الى عودة وكتابة تفصيلية اوسع لشرح بعض التصورات الخاطئة للإنسان عن جوهر الادراك الذي اوصل البعض الى تصورات خاطئة وغيبية. ولكني اضيف ان الادراك هو أيضا انعكاس للصورة الحسية لما يواجه الانسان في الواقع الحياتي وكيفية تأثير تلك الانعكاسات على وعيه وتطور ادراكه.

رؤية فلسفية

عملية انفصال الإنسان عن عالم الحيوان استغرقت مليون سنة على الأقل. كذلك الاف السنين استغرق تحول الانسان إلى كيفية جديدة تتميز بالوعي في جذورها، بإنشاء مجتمعات بشرية، العمل المشترك، الدفاع المشترك، بتطوير الزراعة ونشوء اللغة.. الخ. وصولا إلى الحضارات والحداثة التي نعيش تفاصيلها اليوم. هل توقف التطور؟ إطلاقا لا… كل يوم نواجه إبداعا جديدا. فتحا جديدا، وهذا يشكل إضافات كمية جديدة. لكن الإنسان يبقى من الناحية الكيفية نفسه كما كان قبل مليون سنة من حيث مبناه البيولوجي فقط.

*********************

القسم الثاني: شذرات فلسفية وفكرية

–        الساحة الفكرية العربية مليئة بمثقفين متنورين. للأسف لا يشكلون التيار السائد ولكنهم يمثلون ضمير شعوبهم الثقافي والحضاري.

–        معركة المثقفين العرب الليبراليين هي معركة تزداد تعقيدا وصعوبة، لذا ليس بالصدفة ان معظمهم ينتجون وينشطون من خارج أوطانهم.

–        الارتباك التاريخي يقود الى ارتباك عقلي أيضا، تنتج عنه خزعبلات يروجها ليس بسطاء الناس، بل حملة شهادات عليا.

–        لا أدعو لقطع الصلة مع الماضي .. لكن لا يمكن البقاء بأسر فكر ثابت لا يتغير، أشعر ان العالم ينطلق بسرعة الصوت ونحن تائهين في صحراء بلا حدود… نسير بلا اتجاه.

–        الحداثة هي الحرية أولا والتنوير ثانيا، لا حداثة بلا حرية وبلا تنوير. للأسف عصر التنوير العربي تعثر. اليوم يسود الفكر الماضوي حتى في أوساط بعض المثقفين العرب.

–        المسيحيون العرب لعبوا دورا هاما في ارساء الفكر القومي العربي لأن الانتماء القومي هو الرابط الأهم مع سائر ابناء شعبهم.. هو ما يوحد مجتمعاتهم من اجل مستقبلها.

–        غياب فلسفة عربية ضمن التيار الفلسفي العالمي يجعل من النقد العربي بمفهومه الاجتماعي والثقافي، اجتهادات بلا برمجة.

–        كيف يمكن التمييز في استعمال نفس الكلمة احيانا لكن بإطار مختلف يقود الى معنى مختلف؟ هل طريقة لفظ الكلمة تغير القصد منها؟ والأهم ما هو دور الدقة في صيغة التعبير للتواصل مع الآخرين؟ هل يمكن فصل العلاقة بين القدرات التعبيرية والقدرات الفكرية؟ أو بين المفردات السائدة وبين مستوى الفكر والوعي؟.. رؤيتي ان لكل انسان يجب ان نختار اسلوب خطابي مختلف وتعابير لغوية مختلفة.

–        الحقيقة لا يمكن إلا ان تكون حقيقة، الكذب لا يمكن إلا ان يكون كذبا ولا توجد هنا إمكانية ثالثة، لنقل مثلا ان ملك تونس اقرع. هذا غير صحيح لأنه لا يوجد ملك لتونس. الفلسفة تسمي هذه التعابير عديمة الجدوى.. أو “ينقصها الفهم”.

–        اعتبر الفيلسوف الإنساني نوعم تشومسكي، ان دراسة اللغة ترتبط بدراسة الفكر البشري وان اللغة تفرض على الإنسان طريقة التفكير، وأضيف ان الانسان الذي يعتمد فقط على ما ينقل له وما يلقن به، يفقد جوهره الإنساني لأنه يتحول الى ببغاء ناطقة.

–        فاقدي القدرة على جعل التفكير قاعدة للفرز بين ما هو معقول وما هو غير معقول، بين ما هو حقيقة وما هو وهم، يفتقرون للقدرة على استعمال اللغة بكل ما فيها من ثراء في التعابير، لدرجة ان مفرداتهم اللغوية تعاني من الشحة والبدائية في التعبير عن ذاتهم أولا وعن عالمهم ثانيا.

–        هناك علاقة عضوية بين النقد والايديولوجيا، وأعني بالايديولوجيا ليس فقط المنظومة الفكرية، انما القدرة على الربط بين الثقافة والمجتمع، بين الثقافة والانسان. وهذا هو الغائب الكبير عن الممارسات النقدية.. وعن فكرنا وثقافتنا عامة!!

–        الثقافة، ابداعا او نقدا، يجب ان تكون فعلاً اجتماعياً وعملاً لإثراء الوعي الثقافي والفكري للإنسان. والنقد هو أحد الأدوات الهامة في هذا الفعل.

–        الثقافة لها مدلولات ابعد كثيرا من مجرد الابداع الأدبي، الأدب هو الجانب الروحي للثقافة، والثقافة بمفهومها التاريخي تشمل الابداع المادي ايضا، أي انجازات الانسان العمرانية في الاقتصاد والمجتمع والسياسة، وهذا يحمل الناقد على الأخص، وكل المبدعين في مجال الثقافة الروحية، مسؤولية كبيرة ان لا يغرقوا في المبالغات المرعبة في بعدها عن الواقع، تماما كما في العمليات الاقتصادية

والاجتماعية.

–        يؤلمني حتى النخاع التضليل الأدبي الذي يقوم به بعض مثقفينا، تحت نصوص تسمى بالنقد، يغيب عنها النقد، وتغيب عنها الذائقة الأدبية البديهية، وأكثر ما يغيب عنها المصداقية والاستقامة الادبية، وهذه الظاهرة تتسع باضطراد في الثقافة العربية داخل اسرائيل، ويساعد على ترويجها في الفترة الأخيرة بعض الأدباء العرب في مقدماتهم التي تفيض بالمدائح غير المعقولة.

–        لا اريد ان يتوهّم القارئ أنى استاذ في النقد الادبي، انا قارئ متذوق للأدب، وحسب مارون عبود، الذائقة الأدبية هي أفضل معيار نقدي، وعلى اساسها مارس أعظم النقاد العرب (مارون عبود) عمله النقدي الثقافي الابداعي الخالد، ونفس الظاهرة نجدها لدى الناقد الكبير محمد مندور.

–        هناك نقادٌ يحاولون تطبيق نظريات نقدية غربية على إنتاجنا الأدبي. لاحظت ذلك وامتنعت عن الكتابة عنهم مباشرة، وكنت متأكدا ان الناقد يكتب دون ان يثير النص لدية أي حاسة جمالية. هل هم حقا واعون إلى الفجوة بين مفاهيمنا الثقافية وتلك النظريات…؟

–        حين نُغيّب العقل نُغيّب الفطنة، ونستبدلها بكليشيهات جاهزة، ملّها المتلقي (القارئ) وبالطبع في هذه الحالة يصبح الادعاء ان واقعنا الثقافي يشهد نهضة ثقافية وانتشارا واسعا للثقافة، نوعاً من السخرية السوداء.

–        كيف يمكن التمييز في استعمال نفس الكلمة احيانا لكن بإطار مختلف يقود الى معنى مختلف؟ هل طريقة لفظ الكلمة تغير القصد منها؟ والأهم ما هو دور الدقة في صيغة التعبير للتواصل مع الآخرين؟ هل يمكن فصل العلاقة بين القدرات التعبيرية والقدرات الفكرية؟ أو بين المفردات السائدة وبين مستوى الفكر والوعي؟ رؤيتي ان لكل انسان يجب ان نختار اسلوب خطابي مختلف وتعابير لغوية مختلفة.

–        الثقافة بكل أشكالها الروحية (أي الإبداع الأدبي) والمادية (أي الإنتاج الصناعي والتقنيات والعلوم) كانت دائماً معياراً صحيحاً لتطور المجتمعات البشرية، ومازال المؤرخون يعتمدون الثقافات القديمة، كأداة لفهم طبيعة تلك المجتمعات ومدى رقيّها وتطورها.

–        كانت رؤيتي وما زالت ان النقد يشبه الإبداع ويحركه ليس فقط رد الفعل السلبي أو الايجابي من قراءة النص، إنما الرؤية الثقافية الشاملة والمتكاملة التي تتفجر تلقائيا وتتناول العلاقة الشرطية بين الإبداع بكل صياغته وجماليته والواقع الإنساني، وما عدا ذلك كل ما يكتب يقع في باب الإنشاء البسيط.

–        نقدنا لا يتعامل مع حركتنا الثقافية بتعدد وجوهها الإبداعية، إنما بانتقائيـة لا تعبـر إلا بشكـل جزئـي عـن ثقافتنـا

–        عشت بفكرة ان الصحافة هي منصة للفكر. بعد ان تعرفت على صحيفة “يسرائيل هيوم” التي تمجد نتنياهو بدون حدود عقلانية، صرت ارى ببعض الصحف حفارة قبور للفكر والمصداقية. يلقون خطابات انسانية ويتحدثون عن العدالة والمساواة وحقوق الانسان والتغيير والتقدم. في داخلهم لا شيء ايجابي ولا شيء يخص رفع مكانة الانسان، مجرد تجار كلمات !!

–        التفكير هو ميزة للإنسان الحر. عندما ارى شعبا لا يفكر فهو ليس حرا. عندما يبدأ العرب بالتفكير ستفتح لهم ابواب الحرية.. ولا افهم كيف سيدخل عديمي التفكير الى الجنة!!

–        سنبقى عربا .. الشعوب العربية مشكلتها انها لا تحكم مصائرها، بل يحكمها تجار سياسة وتجار دين.. والويل من هذا اللقاء بين الدين والسياسة!!

–        من المستحيل انجاز التقدم دون انجاز الرابط القومي. ما يفتقده العرب هو الرابط القومي، لتطوير الرابط القومي لا بد من نهضة اقتصادية، اجتماعية، تعليمية وتحرير العقل من التلقين !!

–        لو لم يوجد يهود لخلقتهم اللاسامية.. لأن اللاسامية أحسن خدمة لموبقات الاحتلال الاسرائيلي وساسة اسرائيل.

–        نحن أحوج ما نكون الى عصر نهضوي فكري وعلمي ..الى رينيسانس عربي.

–        تهافت الكثير من المفكرين الى حضيض فكري متزمت ومنغلق، هو لوحة سوداء لحالة تسود ثقافتنا العربية وتشل تقدم مجتمعاتنا العربي.

–        التاريخ العربي يحتاج الى اعادة صياغة عقلانية وعلمية، حتى نخرج من الماضوية التي شلت عقولنا وتفكيرنا بأوهام لا جذور لها.

–        التصنيف الديني أصبح هو التصنيف السائد ثقافيا وفكريا وسياسيا، بذلك نبتعد عن التنوير .. نبتعد عن كل ما هو انساني !!

–        أبرز ما تعلمناه من التاريخ ان الصراع من اجل الحرية يندمج تماما بالصراع لإسقاط السلطة، المشكلة ان كل سلطة اخرى تكرر نفس الخطأ.

–        من يستطيع أن يقول لا في الوقت المناسب هو الانسان المفكر.

–        إذا اردت ان تعيش حياة سعيدة، اذن اربطها بأهداف .. ولا تربطها بأشخاص او تنظيمات.

–        سألني زميل، كيف تنجح بكتابة الأدب الساخر؟ أجبت: حيث يوجد تناقض (صراع اضداد) يوجد دائما المضحك، المهم كيف نكشفه ونقدمه.

–        قيمتنا كمثقفين بجعل الثقافة قوة نشطة تؤثر على مسار واقعنا .. للأسف الترويج لبعض المثقفين كما في اسواق الخضرة، هي حالة مرضية مدمرة!

–        المثقف الذي يؤمن لكل ما يقال ولكل ما يقرأ .. دون جهد لفهم المضمون وطرح رؤيته وتفاعله الثقافي ..هو انسان محدود الأفق… والعقل!!

–        في السياسة، كما في الادب والثقافة .. هناك من وضعوا أنفسهم قيمين على تفكيرنا وابداعنا .. لأن جهازا حزبيا تبناهم .. لكنهم أشبه بالذباب.

–        البعض يظن أن الأسطورة أكثر حقيقية من التاريخ أولئك اشبه بقارب تتقاذفه الأمواج.

–        أخطر ما يواجه العقل البشري قبول حقائق بدون تفكير بوهم انها ثوابت.

–        لاحظت ان قراءة المقال الفكري تواجه معاضل كثيرة. الملل من السرد، عدم فهم المقروء ضمن السرد، والخمول الفكري السائد لدى اوساط واسعة. لعل في هذه الشذرات التي تلخص مسارات فكرية واسعة، ان تلقى لدي القارئ دافعا للقراءة والتفكير.

–        أخطر ما يواجه العقل البشري، والوعي الشخصي، قبول الأشياء كمسلمات لا تناقش !!

–        تطرح البوذية رؤية تقول ان السعادة ليست سلبية، لكن السلبي هو الانسان الذي لا يحس بها.

–        أسس البوذية الأمير الهندي سيدهارتها غوتاما ولقبه بوذا اي المتنور، نجحت بسبب المساواة الدينية الروحية ومكافحتها تفرقة الناس الطائفية.

–        ستة الاف سنة مرت على اول دين سماوي (اليهودية) الذي يدعي امتلاك الحقيقة المطلقة، الا ان البوذية ظلت أكبر الديانات انتشارا على وجه الأرض.

–        شل العقل، خاصة للأطفال، بتلقين وترويج القصص الخرافية، وأنصاف الحقائق، والحكايات غير العلمية، جريمة ضد البشرية بتشويه تفكير الأطفال ومستقبلهم كأبناء حضارة انسانية حدودها تتجاوز السماء.

–        تقدم المجتمع لا يتعلق بشعوب عبقرية وشعوب غبية، انما بتخطيط تربوي وتعليمي، وتبني المجتمع للعلوم كقاعدة للتقدم في جميع المجالات.

–        مقياس الانتاج الدولي يتراوح بالمتوسط بين 50– 150 دولار انتاج في الساعة وأحيانا في الصناعات التكنلوجية المتقدمة أكثر من 300 دولار انتاج في الساعة، اذن تخيلوا الخسائر الرهيبة للمجتمع والانسان، بسبب الاستهتار بالوقت، واضاعة الوقت بطقوس خرافية.

–        من يفقد ساعتان كل يوم من أجل طقوسه، هذا يعني ان مجتمعه يفقد 60 ساعة انتاج شهريا على الأقل.

–        احسبوا ضياع 5 ساعات انتاج كل شهر لخمسة ملايين منتج؟ النتيجة مرعبة. ضياع 250 مليون ساعة انتاج شهريا. احسبوا ضاع ساعات الانتاج ل 100 مليون شخص؟ ستصلون لأرقام فلكية.

–        لا يوجد قانون يقول ان البشرية اليوم ستبقى من جنس واحد متساو، الا في الشكل!!

–        لا نملك الوقت بل هو يملكنا، إذا لم نندمج مع حركته الصاعدة، ستصير المسافة بيننا وبين الزمن أكثر اتساعا لدرجة يستحيل تجاوزها.

–        كان الماضي جديدا في زمنه، واليوم لم يعد ينفع الا لمتاحف التاريخ… رفض الجديد هو وأد للعقل.

–        من المستحيل اعادة الزمن الا بقصص الخيال العلمي، التمسك بالماضي هو تمسك بحلم، وعندما يفتح الحالم عينيه، سيرى انه خسر حاضره أيضا.

–        الماضي زمن لا يمكن استعادته او تكراره بنفس الإطار مهما كان عظيما، وما تبقى منه لا قيمة له خارج مرحلته التاريخية.

–        مجتمعا يعيش غارقا بماضيه، لا مستقبل له.

–        الفرق بين مجتمع حضاري متقدم ومجتمع بدائي متخلف، يتعلق بشكل قاطع بفهم قيمة الوقت، وانه ليس ملكا خاصا يتصرف به البشر على أهوائهم.

–        النظرة التقليدية للعالم، بما فيه الموروثات الخرافية، هي ضمن عرقلة نشوء مجتمع عربي علمي وفقر المجتمعات العربية هو انعكاس لها.

–        واقع تخلف مجتمعاتنا يرتبط بإصرار قوى هناك شك بصلاحيتها العقلية، ترفض النظرة الغربية للعالم وتصر على نظرة مغلقة تحت غلاف من الأوهام ان يتكرر الماضي مرة أخرى، طبعا بدون جهد وبدون اعداد.

–        وجود أي فكر فلسفي مشروط بتواصله مع الفلسفة الإنسانية المعاصرة، وتسهيل نشره واطلاع الحركة الفلسفية عليه والتفاعل بينهما.

–        يثرثرون حول فلسفة عربية او اسلامية، شرط وجود فلسفة ما هو ان تكون ضمن تيار الفكر الفلسفي الإنساني وتتواصل معه. لا يوجد تقسيم لثني أو ديني في الفلسفة.

–        التعددية الثقافية تمثل ارضا خصبة للتطور الفكري ولعقلنة العلاقات الإنسانية، بينما الانغلاق على صيغة “مقدسة” هي كارثة للعقل وللإنسان وللمجتمعات البشرية التي تقمع التعددية الثقافية.

–        عملية انفصال الإنسان عن عالم الحيوان استغرقت مليون سنة على الأقل. كذلك الاف السنين استغرق تحول الانسان إلى كيفية جديدة تتميز بالوعي في جذورها، بإنشاء مجتمعات بشرية، العمل المشترك، الدفاع المشترك، تطوير الزراعة ونشوء اللغة.. الخ.. وصولا إلى الحضارات والحداثة التي نعيش تفاصيلها اليوم. هل توقف التطور؟ إطلاقا لا… كل يوم نواجه إبداعا جديدا.. فتحا جديدا ، وهذا يشكل إضافات كمية جديدة. لكن الإنسان يبقى من الناحية الكيفية نفسه كما كان قبل مليون سنة من حيث مبناه البيولوجي.. فقط وعيه وفكره يتغيران!

– “استيعاب ما هو كائن مهمة الفلسفة وما هو كائن هو العقل”-اقتباس من هيغل

–        لا يوجد المضمون والشكل بمعزل للواحد عن الآخر، بينهما ترابط عضوي ويؤلفان وحدة متماسكة لا يمكن الفصل بينهما. اذن يمكن القول ان هناك ترابطا ديالكتيكيا بينهما.

– عرفت الحضارة الإغريقية القديمة عرق من الآلهة الأقوياء الجبابرة الذين (حسب الأساطير الإغريقية) حكموا الأرض خلال العصر الذهبي واشتهروا باسم آلهة التيتان (او الأطلس) وهم العرق السابق للآلهة

الأولمبية. السؤال بماذا يختلف الإله الحالي عنهم؟

–        تنفي العقلانية المعرفة الحسية التجريبية التي تدعي امكانية الفهم عن طريق الاحساس الشخصي، الإدراك والتصور، اي القناعات الموروثة التي تصبح جزءا من عقل الانسان وتفكيره الخيالي(الميتافيزيائي). العقلانية تعتبر هذه الظاهر غير كاملة ولا تنطلق من أي معرفة يقينية. فقط العقل الفعال وليس المنفعل قادر على التوصل الى المعرفة الصحيحة الشاملة والضرورية.

–   تبرز النزعة العقلانية في العلوم أكثر من أي مجال آخر. العلوم تعتمد على حقائق وليس على احاسيس وتخيلات. أكثر من ذلك يجري تطور العلوم بناء على نقدها ونقضها العلمي المعرفي. بينما التخيلات والأحاسيس لا يمكن ادراكها بأدوات علمية.. ولا علاقة لها بتطور المعرفة العلمية للإنسانية. ونقدها لا يعطي أي نتيجة لمن صيغت عقولهم واغلقت عن أي رؤية مناقضة لما نشأوا عليه.

–        المتفائل هو إنسان مختلف بجوهره، ونقيض تماماً للمتشائم. يرى بكل خطوة تقدماً إلى الأمام. في كل يوم جديد مكسب كبير، الأمر الذي يجعله دائم الابتسام… سعيدا بما يحصل عليه.

–  الأبستمولوجيا هي فرع لتيار فلسفي يبحث بمضمون ومجال المعرفة. مثلا ما هي المعرفة؟ كيف نحصل عليها؟ قيمتها لفهم موضوع معين؟ كذلك تشمل الأبستمولوجيا تحليل طبيعة المعرفة والعلاقة بين مفهومي الحقيقة والمعرفة.

–        الفلسفتان التجريبية والعقلانية كانتا محاولتان لبناء المعرفة الإنسانية من الصفر. هذا النهج الراديكالي ميز فلسفة فترة التنوير الأوروبية (الرينيسانس)، العالم نيقولاوس كوبرنيكس باكتشافه ان الشمس هي مركز الكون وليس الأرض، وان الأرض تدور حول الشمس وحول محورها أحدث ثورة علمية من الأهم بتاريخ البشرية. ثورة كوبرنيكس شكلت جزءا هاما في أساس الثورة العلمية وفي مجالات ثقافية عديدة، وكانت إلى جانب عوامل أخرى، سببا لتهميش قوة الكنيسة. والأمر الهام والحاسم: هل اكتشاف كوبرنيكيس كان بسبب أحاسيسه أم نتيجة بحث وتحليل علمي مبني على معطيات علمية ومراقبة حركة الأجرام السماوية؟

–   الفلسفة عرّفت الأباتيا، بأنها تعني فتور الشعور وتقود إلى نوع من الزهد في الحياة. فهل كانت الأباتيا هي الحالة التي أصابت الشعوب العربية مع حكامها حتى تواصل طغيانهم عشرات السنين؟ حتى ابن خلدون قال إن اختلاف نحل الناس في المعاش يقود إلى اختلاف أخلاقهم. فهل كان للإفقار واٌلإملاق صفة غالبة، فرضت أخلاق الخضوع والاستسلام للفساد والقمع والتخلف الاجتماعي والاقتصادي التي ميزت المجتمعات العربية؟ او ربما هي سياسة تنبع من ذكاء الحكام العرب وفهمهم العبقري لابن خلدون وفلسفته الاجتماعية؟!

–        التفكير الذي يثبت على ما لقن به صاحبه، يصبح بلا روح … فقط من يقدر على تطوير تفكيره وتغييره بما تضيفه المعرفة هو تفكير ينبض بالحياة وبالمتعة الروحية.

–        احيانا من الصعب الوصول الى الحقيقة حول الكثير من وقائع كوننا.. البعض يجرب ثم ينطوي على قديمه… لكن فقط ذوي التفكير العميق لا يتراجعون .. وقد وصلوا الى تجربة الانفجار الكبير Big Bang الذي يختصر 13.7 مليار سنة في أقل من 5 دقائق.

–        تطوير الوسائل للوصول الى الحقائق، وخلط الأهداف لدرجة اختلاطها هي من مميزات عصرنا. وهي مسالة تدفعنا لمعرفة هدف من يقف وراء ذلك، واهمية ادراكنا لمضمون الحقائق وأثرها على واقعنا!!

–        الذي يخاف من الراي الآخر لا راي له!!

–        التعليم بدون تفكير هو مقبرة للعقل… والعقل بدون تحرر من ميرات الماضي الخرافي هو عقل عاقر!!

–        معرفة ما هو موجود في كوننا بالنسبة للبعض هو أحجية… فقط من تخلصوا من اساطير جداتهم يصبح الكون مرتعا خصبا لعقلهم المفكر والمبدع.

–        الوجود الانساني هو أشبه بضوء عظيم من مليارات الشموع. تحييد العقل يجعل الانسان يكتفي بعشرة شموع

–        الضمير الانساني يغيب حين يحتل الساحة المرتزقة .. وخاصة دجالي الدين.

–        معرفة الأشياء الموجودة في الكون بعقل علمي منفتح تنقذ عقل الانسان من الشلل !!

–        الأفكار الكبيرة تأتي من العقل المتحرر من الميراث المغلق.

–        لا يزداد المال الا بالسرقة والنصب.. وأحسن تغطية إطلاق المواعظ الدينية والأخلاقية…!!

–        مهزلة الايمان العظمى ان الانسان يؤمن بشيء لا يراه ولا يلمسه ولا يسمعه ولا يتذوقه ولا يشمه. لا افهم كيف يتحول الانسان الى أداة بلا عقل يفكر وبلا منطق يوجهه. بعض من حصلوا على اعلى شهادات علمية. يبقى الميراث الايماني اقوى من الفيزياء ومن البيولوجيا ومن الرياضيات ومن الكيمياء

–        كل ما يؤمن به الكثيرون نقل إليهم بالوراثة كحقيقة مطلقة لا يجوز الشك بصحتها او محاولة تعليلها. فقط ذوي العقل الفعال قادرون على تحقيق انطلاقة تجعلهم شركاء في التنوير.

–        عدم فهم الكون أنتج الكثير من الآلهة… وآخرهم جمع كل صفاتهم!!

–        النرجسية مثل السرطان، لا علاج لها على الأغلب الا بالبتر.

–        كيف يمكن قبول اقوال الانبياء انهم مرسلون ولا وثيقة تثبت ادعائهم الا استعدادهم للمعاناة حتى لا ينقضوا ما ادعوه؟

–        لا تقلد عدوك بجرائمه، حتى لا تصبح عدو انسانيتك.

–        العالم قائم على الواقع الثابت، اما الصدف فهي شيء لا وجود له في الواقع.. لكنها تنبهنا الى الواقع!!

–        الأشياء في عالمنا لا تتغير… ربما يضاف اليها شيء جديد من دمج ما هو قائم… اما الانسان فهو الذي يتغير!!

–        اكليل الغار للأدباء هو نسخة من اكليل الشوك الذي وضع على رأس المسيح !!

–        اقصى درجات العدل .. لا شيء عادل فيها، اوسطها هو أعدلها!!

–        التفكير الذي يثبت على ما لقن به صاحبه، يصبح بلا روح … فقط من يقدر على تطوير تفكيره وتغييره بما تضيفه المعرفة هو تفكير ينبض بالحياة وبالمتعة الروحية.

–        لم تنشأ الفلسفة لتضحك الناس، بل نشأت لتنشط العقل، تعمق الوعي، تزيد المعارف توسع الإدراك.

–        الدور الرئيسي للفلسفة الحقيقية ومضمونها هي التربية بمفهومها الأكثر اتساعا، بكونها نظرية تربية الانسان. (ديلاتي)

–        تعلمنا الفلسفة ان نطرح اولا القيم المثالية للعقل، البقية تأتي تلقائيا.. او لن يكون للعقل أي ضرورة اطلاقا.(فرانسيس بيكون)

–        من الأخطاء السائدة اعتبار الأنانية سلبيات أخلاقية. الأنانية ظاهرة أخلاقية لها جوانبها الايجابية الكبيرة، فهي تخلق دوافع للتقدم والرقي، لها أيضا جوانب سلبية، يبدو ان التعبير يوحي بها تلقائيا.. لو

عدنا للتعبير اللاتيني نجد أن الأصل جاء من ego والتي تعني “أنا” والمصطلح تحول الى egoism , وتفسره الفلسفة الحديثة بأنه مبدأ في الحياة وخصلة خلقية يدلان على سلوك الانسان من زاوية موقفه من المجتمع والناس الآخرين، وان الانسان يعلي في علاقاته مصلحته الخاصة على مصالح الآخرين، وهذا أمر طبيعي بحدود أخلاقية معينة لذا تشكل الانانية احدى أكثر تجليات الفردية صراحة وعلنية.

–        الايمان هو مقامرة، كما قال الفيلسوف، عالم رياضيات والكاهن الفرنسي باسكال بليز، الذي عاش في القرن السابع عشر بين 1723 حتى 1662. فسر بليز موقفه بقوله إن القرار الذي يختاره الإنسان حول إيمانه بالله، يشبه المقامرة. لأنه إذا كان قرارنا المراهنة بأن الله موجود ويتبين في النهاية أننا أخطأنا وأن الله غير موجود، عندها خسارتنا لن تكون كبيرة. لكن إذا انعكس الأمر وقامرنا على أن الله غير موجود وتبين في النهاية انه موجود، عندها ستكون خسارتنا فادحة جداً لأننا سنخسر الجائزة الكبرى: السعادة الأبدية في ملكوت الله. لذا سمي الايمان في الدراسات الأكاديمية ب “المقامرة الباسكالية”.

–        إذا أردتم ان تدرسوا الفلسفة ضعوا جانبا كل ما تحملوه بعقولكم وابدأوا من في تكوين إدراككم الجديد، معارفكم الجديدة، وعيكم الجديد، والأهم.. ابدأوا التفكير بطريقة مختلفة.. ابنوا ذاكرة جديدة..

– لو لم توجد الفلسفة لعجزنا عن الاجابة على أسئلة مصيرية كثيرة. اولها من اين جئنا؟ ماذا نفعل هنا؟ الى أين سنذهب؟ هل يوجد مثلنا في هذه المساحات التي تبدو بلا نهاية؟ لو عجزت الفلسفة عن تفسير هذه المسائل التي تبدو اليوم بديهية، لظل الإنسان أكثر التصاقا بعالم الحيوان، ولظلت لغته مجرد أصوات يجري التعبير عنها بين مجموعات منعزلة.

–        السؤال في الفلسفة لا يقاس بالحجم، كبيرا او صغيرا، انما يقاس بالمضمون .. في الفلسفة لا يوجد سؤال مستقل ونهائي، في الفلسفة كل سؤال يثير مجموعة أسئلة أخرى، والأسئلة الأخرى تثير أسئلة أخرى عديدة، والأسئلة تمتد بلا توقف الى أدنى والى أدنى أكثر، والى أعلى أعلى.. بلا حدود، بلا حواجز، بلا عجز عن الولوج الى ما يعتبر مناطق محظورة. لا مناطق محظورة في الفلسفة، كل شيء يخضع للعقل .. للإدراك .. للتفكير .. للتساؤل اللانهائي.

–        إذا انتهت الأسئلة تنتهي الفلسفة وتفقد الحياة معناها وقيمتها، لأننا نفتقد الوعي، والوعي هو ما يميز الانسان عن عالم سائر المخلوقات، أما إذا اقتنع الشخص أنه وصل لحقيقة ما، يراها ثابتة غير قابلة للنقد او للنقض، أنصحه ان يصبح رجل دين…

–        دأب الإنسان منذ بدأت تتشكل اولى التجمعات البشرية في البحث عمن ترك آثارا غريبة على حدود المنطقة التي يسكنها هو ومجموعته، وقام بمجهودات كبيرة جسمانيا وفكريا لاكتشاف من ترك آثارا غريبة عنه حول منطقته، عندما اقترب من ذلك المخلوق الذي ترك آثاره بقرب منطقته، اكتشف انه مخلوق شبيه به.

–        طرح أحد الفلاسفة الاغريق سؤالاً على زميل له: “ما الذي يجعل كرتنا الأرضية ثابتة في الفضاء؟” أجابه: “يحملها أحد الآلهة” سأله: “ومن يحمل الإله؟”: أجابه: “إله آخر”. سأله:” والآخر من يحمله؟”. أجابه: ” ايضاً إله آخر الى ما لا نهاية.. إله تحت إله تحت إله الى ما لا نهاية”.

– تقوم نظرية الثورة الماركسية على مبدأ يقول ان “على الثورة ان تستمر حتى القضاء على الطبقات المالكة بشكل عام” فيما بعد طور ماركس نظريته بقوله إن “الكلام لا يدور حول تغيير الملكية الخاصة او القضاء على قسم من قوانين البرجوازية، بل إنشاء “المجتمع الجديد”. طبعا هذا التعريف عقلاني ومتزن.

– نشأت الفلسفة في اليونان القديمة (بلاد الاغريق) على قاعدة تفسير الظواهر الطبيعية عقلانيا بعيدا عن ربطها بآلهة تتحكم بها. لذلك عرفت باسم الفلسفة الطبيعية. الفلاسفة الإغريق في وقتهم حسموا بموضوع أن عالمنا قائم على العقل وليس على النقل، على العلم وليس على الإيمان بالخوارق. الإيمان هو عملية نقل، ظاهرة تنقل بالوراثة وليس بالوعي. لا انفي أهمية الدين الأخلاقية كمحاولة لوضع قواعد تعامل

اجتماعية بين البشر، لكننا نواصل منذ ستة آلاف من السنين التمسُّك بما أثبتت الفلسفة الإغريقية بطلانه ورفضت جعله معيارا فكريا سائدا تفسر به الوجود الإنساني والطبيعة.

– حظيت فلسفة هيغل بتأثير كبير وهام على الفكر الحديث، وكان كارل ماركس أبرز الفلاسفة الذين تأثروا واقتبسوا من هيغل فلسفته الجدلية قالبا اياها رأسا على عقب: إذ أن جدلية هيغل هي عبارة عن عملية أو ديناميكية تمضي وفقها جميع القضايا من الأمثل فالأمثل نحو “الفكرة المطلقة” وقد سميت “بالجدلية المثالية”. بينما منهج ماركس الفلسفي الجدلي رأى بأن جدلية الأفكار ليست سوى انعكاسا لجدلية المادة. لذلك اتخذ من مفهوم الجدلية المادية (المادة تسبق الفكرة) أساسا ومنبعا لحركة التاريخ وتطوره.

– الفكر الماركسي واجه ويواجه اليوم نقدا حول العديد من القضايا التي كانت تبدو نهائية، مثلا الفكر المادي التاريخي يواجه اليوم إشكالية كبيرة، بل والبعض يعتبر أن المادية التاريخية كنظرية تنبأت بحتمية مسار التاريخ وفق رؤية مسبقة، بأنه جانبها الصواب في العديد من مضامينها الأساسية.

– من تجربتي: اللون القصصي، المتمثل بطرح فكرة فلسفية او رؤية فلسفية، كجوهر للقصة، يخاطب قارئاً من نوع جديد، قارئاً بمستوى ثقافي ومعرفي ما فوق المتوسط على الأقل، يقرأ القصة بذهن يقظ كما يقرأ، الى حد ما… موضوعاً فكرياً، والسؤال الذي يشغلني بدون إجابة كاملة حتى اليوم: هل يختزل ذلك فن القص ام يرقى به الى مستوى جديد؟

– عندما يصعب على الناقد ان يستوعب الوعي الجمالي، بصفته الوعي الذي يتناول الظواهر والأشياء من خلال سماتها الحسّية، وقدرتها في التأثير على المتلقي، عند ذلك يغيب تماما أهم ما في النقد وأعني: المضمون الجوهري للمقياس الجمالي في الابداع الأدبي.

– ازداد السلاطين العرب عدداً وأشكالاً وتعددت مناصبهم طولاً وعرضاً، وارتفاعاً وانخفاضاً، وكثر الطلب على الدلالين والمادحين ومنظمي الكلام وبما ان الشعر والشعراء هي أشهر ما تبقى في الذاكرة من موروثات تاريخ “الأمجاد العربية”، لذا طمع السلاطين بحشد الشعراء في صفوف “السحيجة”، ارادوا اخضاعهم لسلطانهم فاستأجروا قرائح الشعراء الدجالين وذممهم، بصفتهم ممثلي الاعلام الشعبي، بعد ضمان الاعلام الالهي بإعلانهم الرسمي المتكرر اسبوعياً بأنهم اولي الأمر وطاعتهم من طاعة الله.

–         لا يوجد في الفكر والعلوم بمختلف مجالاتهما، مقدسات لا يمكن نقدها او اخضاعها للبحث.

–        كل ولد بالنسبة لوالدته هو محبوب ورائع، بحيث انها تكون سعيدة جدا بأن تسجيه لينام.

–        نجد دائما السعادة الكبيرة بنجاح وسعادة اولادنا لدرجة ان قلبنا يصبح أكبر كثيرا من أجسادنا. (أمرسون)

–        بنو الانسان هم ما صنعت أمهاتهم… والأب كان المشاهد الأوحد للمسرحية.

–        الأب يورث ابنائه الأملاك، لكنه لا يورثهم الحكمة بكيفية ادارة الأملاك. (ارسطيفوس – من تلامذة سقراط)

–        أب واحد يعيل عشرة ابناء، عشرة أبناء لا يعيلون أب واحد!!

–        الأطفال يتمتعون بقصص الأساطير .. بعض الأطفال يكبرون بأجسادهم، أما عقولهم فتبقى في عالم الأساطير.

–        كلمات الفيلسوف فارغة ان لم يكن بها ما يشفي بؤس الانسان، ولا يعالج أمراض الجسد، وتفقد الفلسفة قيمتها إذا لم تخلص الانسان من امراض النفس. (أبيقور)

–        “ان الأمم التي لا تعنى بالعلم، ولا تنجز فيه شيئا، حالها كحال البهائم تأكل وتشرب وتتكاثر لا غير” -الوزير جمال الدين بن يوسف القفطي المتوفى سنة 624 هـ.

–        يؤكد الفكر الفلسفي الهيجلي ان “اللقاء بين علمين، يولد علماً جديداً”. وبالتالي ازدياد المعرفة، او

” كثرة الأعمال”، كما يقول الرازي: “سبب لحصول الملكات”. أي لا شيء ينشأ من العدم. لا شيء ينشأ من الخمول والاستكانة. لا شيء ينشأ من التصورات الموروثة والأفكار النهائية. والجهل إذا التقى بالجهل لا يولد الا التعصب والانغلاق.

–        يقول الغزالي: “المطيع القاهر لشهواته المتجرد الفكر في حقيقة من الحقائق، قد لا تنكشف له الحقائق لكونه محجوباً بالتعصب والجمود على العقيدة”. اذن الجمود على العقيدة هي حالة من الشلل الدماغي حتى بإقرار الغزالي، ليت المتمسكين بتعاليمه يستوعبون ذلك. وكما قال علي بن أبي طالب: “من جهل شيئاً عاداه”.

–        هل يعي الانسان انه لا يملك لوحده كل المعرفة؟ وان الوصول لمزيد من المعرفة يحتاج الى منهج علمي وقدرة على التحليل والمقارنة والاستنباط؟ وأن الآخرين ليسوا أقل شأنا منه؟ وأن ادعاء المعرفة الكاملة، هي حالة مرضية أو تعبير عن البدائية، وليست ذكاء؟؟

–        الحرية هي نشاط ينبع من وعي الانسان وايمانه بهدف. النشاط يثمر، والخمول والاستكانة تجفف الارادة، وتضيق الرؤية. عندما يتوهم الانسان انه يعرف الأجوبة الكاملة وغير القابلة للنقاش عن القضايا الصميمية للنشوء والارتقاء، يفقد القدرة والارادة عن احداث تغيير في مجتمعه، وتصبح كل معلوماته تدور في حلقة مغلقة من الطروحات التي لا تحتاج الى تفكير

–        هل يحتاج الانسان الفقير المحروم من الحرية والخدمات الاجتماعية والتعليم والرقي الحضاري الى حوار؟

يقول هيغل: “ان الحرية هي وعي الضرورة”. اما الماركسية فرؤيتها ان: “وعي الضرورة هو شرط هام للوصول الى الحرية “. انا شخصيا لا أرى تناقضاً جذرياً بين هيغل وماركس في هذا الطرح. اذ ان الطرح هنا يشبه السؤال الفلسفي البسيط من كان في البداية الدجاجة أم البيضة؟ وفي التالي، التواصل يصبح فعالاً ومؤثراً ومترابطاً بكلا الاتجاهين. وهذا هو الأساسي. !!

–        المجتمع الاوروبي منذ عصر النهضة، رفع من مكانة الانسان على حساب الفكرة المطلقة – المقدسة. خاصة في مجالات الآداب والفنون وفيما بعد الموسيقى، مما أحدث تحولا ثوريا حطم كل المسلمات القديمة التي باتت تتناقض مع النهضة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية ورقي الانسان، وجعل من العقلانية مقياساً أعلى للفكر، بينما المجتمعات المنغلقة لا تعتبر الانسان أكثر من كونه أداة لخدمة الفكرة المطلقة الغيبية. وهذه الفكرة تتجلّى بأشكال متعددة في المجتمعات البشرية، والتاريخ سجل العديد من هذه الأشكال، بدءاً من عبادة الفرد في الأنظمة الديكتاتورية والفاشية، وصولاً الى الطاعة العمياء في الأنظمة الدينية.

–        المعضلة الكبرى التي لاحظتها ان فهم ظاهرة الدين غير ميسرة لمن يبقى متدينا، فقط الذين تحرروا من الدين بقدرتهم فهم ظاهرة الدين، لذا الحوار بين الفئتين هو حوار بين طرشان.

–        “ان المجتمعات المنفتحة ترعى الفرد وتضمن له الشروط الملائمة لتطوره، اما المجتمعات المنغلقة، فهي تضع المجتمع في المقدمة على حساب تكون هوية الفرد المستقلة وتطورها”. كارل بوبر

–        هل نحن مجتمع مدني، ام ان المدنية أضحت من البدع اتي يجب قمعها؟

هل هناك من فكرة مقدسة لا يمكن نقدها او التطرق البحثي لمضامينها؟

–        ما هو الفرق بين الحرية في التفكير والتحرر من التفكير؟ وهل يمكن القول ان رفض الحوار هو حالة من حالات الحرية أيضا؟ وما الفرق بين الرأي والقدح والذم؟ هل تحتاج الحرية الى فكر ونظام.. أم هي فوضى عارمة -تحررية؟

–        هل يمكن ان ترقى ثقافة روحية وثقافة مادية بظل سيادة فكر ديني يتمتّع بجبروت كامل وسيادة مطلقة، ويطور أشكال إرهابية بغلاف ديني؟ هل يمكن ان نشهد عودة الى نشوء فكر فلسفي عربي في الواقع المتهافت الذي يعيشه عالمنا العربي؟

–        مجتمعا لم يستوعب التطور الفلسفي والثقافي منذ عصر الإغريق مرورا بعصر التنوير وصولا الى عصرنا الراهن، هو مجتمع يعيش في الظلام الحالك، حتى لو ملأ الدنيا صراخا وابتهالا وعبادة.

–        المرأة ترتب البيت قبل حضور الشغالة، الرجل يرتب السرير بعد مغادرة الشغالة.

–        “استيعاب ما هو كائن مهمة الفلسفة وما هو كائن هو العقل”-اقتباس من هيغل.

–        الديالكتيك (الجدل) هو علم التطور (البعض يسميه منهج التطور). يدرس هذا العلم (او المنهج) القوانين العامة لتطور الطبيعة والمجتمع والفكر. لماذا يجري التطور؟ ما هو المصدر والقوة الدافعة للتطور؟ بأي أشكال يجري التطور؟ ما هي العلاقة والنسبة بين القديم والجديد؟

–        لا يوجد المضمون والشكل بمعزل للواحد عن الآخر، بينهما ترابط عضوي ويؤلفان وحدة متماسكة لا يمكن الفصل بينهما. اذن يمكن القول ان هناك ترابطا ديالكتيكيا بينهما.

–        عرفت الحضارة الإغريقية القديمة عرق من الآلهة الأقوياء الجبابرة الذين (حسب الأسطورة الإغريقية) حكموا الأرض خلال العصر الذهبي واشتهروا باسم آلهة التيتانك (او الأطلس) وهم العرق السابق للآلهة الأولمبية. السؤال بماذا يختلف الإله الحالي عنهم؟

–        تنفي العقلانية المعرفة الحسية التجريبية التي تدعي امكانية الفهم عن طريق الاحساس الشخصي، الإدراك والتصور، اي القناعات الموروثة التي تصبح جزءا من عقل الانسان وتفكيره الخيالي(الميتافيزيقي). العقلانية تعتبر هذه الظاهر غير كاملة ولا تنطلق من أي معرفة يقينية. فقط العقل لوحده قادر على التوصل الى المعرفة الصحيحة الشاملة والضرورية.

–        تبرز النزعة العقلانية في العلوم أكثر من أي مجال آخر. العلوم تعتمد على حقائق وليس احاسيس وتخيلات. أكثر من ذلك يجري تطور العلوم بناء على نقدها ونقضها العلمي المعرفي. بينما التخيلات والأحاسيس لا يمكن ادراكها بأدوات علمية. ولا علاقة لها بتطور المعرفة العلمية للإنسانية. ونقدها لا يعطي أي نتيجة لمن صيغت عقولهم واغلقت عن أي رؤية مناقضة لما نشأوا عليه.

–        المتفائل، هو إنسان مختلف بجوهره، ونقيض تماماً للمتشائم. يرى بكل خطوة تقدماً إلى الأمام. في كل يوم جديد مكسب كبير، الأمر الذي يجعله دائم الابتسام سعيد بما يحصل عليه.

–        : الأبستمولوجيا هي فرع لتيار فلسفي يبحث بمضمون ومجال المعرفة. مثلا ما هي المعرفة؟ كيف نحصل عليها؟ قيمتها لفهم موضوع معين؟ كذلك تشمل الأبستمولوجيا تحليل طبيعة المعرفة والعلاقة بين مفهومي الحقيقة والمعرفة.

–        الفلسفتان التجريبية والعقلانية كانتا محاولتان لبناء المعرفة الإنسانية من الصفر. هذا النهج الراديكالي ميز فلسفة فترة التنوير الأوروبية (الرينيسانس)، العالم نيقولاس كوبرنيكس باكتشافه ان الشمس هي مركز الكون وليس الأرض، وان الأرض تدور حول الشمس وحول محورها أحدث ثورة علمية من الأهم بتاريخ البشرية.

–        اكتشاف كوبرنيكس شكل جزءا هاما في أساس الثورة العلمية وفي مجالات ثقافية عديدة وكانت، إلى جانب عوامل أخرى، سببا لتهميش قوة الكنيسة. والأمر الهام والحاسم: هل اكتشاف كوبرنيكيس كان بسبب أحاسيسه أم نتيجة بحث وتحليل علمي مبني على معطيات علمية ومراقبة حركة الأجرام السماوية؟

–        الفلسفة عرفت الأباتيا، بأنها تعني فتور الشعور وتقود إلى نوع من الزهد في الحياة. فهل كانت الأباتيا هي الحالة التي أصابت الشعوب العربية مع حكامها حتى تواصل طغيانهم عشرات السنين؟ حتى ابن خلدون قال إن اختلاف نحل الناس في المعاش يقود إلى اختلاف أخلاقهم. فهل كان للإفقار واٌلإملاق صفة غالبة، فرضت أخلاق الخضوع والاستسلام للفساد والقمع والتخلف الاجتماعي والاقتصادي التي ميزت المجتمعات العربية؟ او ربما هي سياسة تنبع من ذكاء الحكام العرب وفهمهم العبقري لابن خلدون وفلسفته الاجتماعية؟!

–        التفكير الذي يثبت على ما لقن به صاحبه، يصبح بلا روح… فقط من يقدر على تطوير تفكيره وتغييره بما تضيفه المعرفة هو تفكير ينبض بالحياة وبالمتعة الروحية.

–        احيانا من الصعب الوصول الى الحقيقة حول الكثير من وقائع كوننا. البعض يجرب ثم ينطوي على قديمه… لكن فقط ذوي التفكير العميق لا يتراجعون.. وقد وصلوا الى تجربة الانفجار الكبير Big Bang الذي يختصر 13.7 مليار سنة في أقل من 5 دقائق.

–        مهزلة الايمان العظمى ان الانسان يؤمن بشيء لا يراه ولا يلمسه ولا يسمعه ولا يتذوقه ولا يشمه. لا افهم كيف يتحول الانسان الى أداة بلا عقل يفكر ولا منطق يوجه وبعض من حصل على اعلى شهادة علمية .. يبقى الميراث الايماني اقوى من الفيزياء ومن البيولوجيا ومن الرياضيات ومن الكيمياء، والمضحك ان ما يؤمن به الفرد نقل اليه بالوراثة كحقيقة مطلقة لا يجوز الشك بصحتها او محاولة تعليلها. بالتلخيص: ان عدم فهم الكون أنتج الكثير من الآلهة… وآخرهم جمع كل صفاتهم!!

–        العالم قائم على الواقع الثابت، اما الصدف فهي شيء لا وجود له في الواقع. لكنها تنبهنا الى الواقع!! ولا بد من التأكيد ان الأشياء في عالمنا لا تتغير… ربما يضاف اليها شيء جديد من دمج ما هو قائم… اما الانسان فهو الذي يتغير!!

– قال فيلسوف الشيوعية كارل ماركس (1818 – 1883): القول ان الصحافة تعبر عن رأي الجمهور هو اهانة للإنسان المثقف، الصحافة هي ملكية لمضاربين، قادة سياسيين ومقاولين كبار. هنا يبرز ماركس الثوري الانساني المفكر والفيلسوف الذي شوهته الستالينية واحزابها المتهاوية!!

– ميكافيلي: الابن قادر في الحفاظ على توازنه عند فقدان والده، لكن فقدان الورثة سيدفعه الى الياس.

– نيتشه: على الآباء ان يجهدوا ويعملوا كثيرا جدا ليكفروا عن انهم خلقوا اولادا.

– أرسطو: الانسان هو المخلوق الذي يعرف مكانته في العالم.

– فرانسيس بيكون: بنو الانسان ليسوا المخلوقات التي تمشي منتصبة القامة، انما آلهة من ابناء الموت.

– هيرقليطوس: لن يكون جيدا شعور الانسان الذي تتحقق كل طلباته.

– فولتير: كل انسان هو نتاج الفترة التي يعيش فيها، فقط قلائل قادرين ان يتساموا أعلى من أفكار فترتهم!!

– شتراوس: العالم بدأ بدون الانسان وسيصل نهايته بدونهم.

– ميخائيل دي مونطين: أشياء كثيرة خدمتنا أمس كمبادئ للإيمان، وأما اليوم فهي مجرد اساطير بالنسبة لنا!!

– سانكا: النجاح يقدس حتى الجرائم الأكثر وحشية.

– سانكا: الموجود بكل مكان، هو ليس بأي مكان!!

– قول مجهول الهوية: العادة التي لا نوقفها، تصبح بسرعة شيئا ضروريا.

– رالف والدو إمرسون: الانسان الذي يفكر هو انسان حر!!

– هنري ديفد ثورو: ما أكثر الناس الذين فتحوا صفحة جديدة بحياتهم بعد قراءة كتاب جديد. وقال ايضا: ليست كل الكتب مملة مثل قراءتها.

– وصف ماركس الابتذال ب “تفاهة الأعمال وعظمة الأوهام” – الابتذال هو ظاهرة تشمل مجالات انسانية كثيرة، بدءا من العلوم وصولا الى القيم الحياتية، وتفكير شخصي محدود الفهم، الابتذال يفقد الانسان كرامته الشخصية أيضا!!

– الأولاد يحتاجون الى نموذج شخصي لاعتماده في تطورهم وليس الى عسكري يعاملهم بالأوامر حتى لو كان والدهم!!

– يبدأ الايمان تماما من النقطة التي يكون فيها العقل منفعلا ويتوقف حين يصبح العقل فعالا!!

– القمع خلق العبودية وجبن العبيد يجعلهم عبيدا للأبد.

– الممارسة العملية في أي مجال ثقافي او فني او ابداعي متنوع هي في جذور نشوء المفاهيم والقيم المتنوعة التي ترشد   الانسان وتثري عالمه الفكري وقدراته على التعامل مع محيطه، وبما ان المفاهيم والقيم هي نسبية، في ليست ثابتة مطلقة، بل متحركة مرنة ومتغيرة.

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

آخر المواضيع