الإشاعة تعني نقل أخباركاذبة عن الآخر و تزييف الحقيقة و هي أداة من أدوات الحروب النفسية ، تعتمد علىالمناورات، و تؤكد على وجود خلل في البنية الفكرية لأنها تغذي الرداءة ، و تتطورالإشاعة بسرعة و تصبح حقيقة إن وجدت المناخ الملائم لزرع بذرتها ، وفي غيابالوعي العميق الشامل و المنهجي تصبح فيروسا ينتشر في العقول المريضة ، و إنكانت الإشاعة الكاذبة قد تغير الكثير من المواقف و القرارات، لكنها لا تسير في نهج”التغيير” الإيجابي الذي يطمح له الشعب في بناء مجتمع راق متحضر و حتى الأحزابو التنظيمات و المجتمع المدني
يرى خبراء سياسيون أن موقع أيّة دولة أو أيُّ شعب في العالم المتقدم، لايحدده غير الخطاب الصريح، و اللغة النضالية الصادقة التي من خلالها تستطيع الأحزابالسياسية مجابهة كل التحديات، فحرية التعبير في هذا المجال كغيرها منالحريات الأخرى تحتاج أحيانا إلى ضوابط و قيود، بسبب ما تتعرض له من سوء استعمالهاو سوء التصرف بها، فلا يمكنها أن تتحول إلى فوضى تتبادل فيها عبارات السَبِّ و الشّتْمِو الكلمات الجارحة في حق أناس، لمجرد وجود بينهما اختلاف في الرؤى و المفاهيم والإيديولوجيات ، أو اختلاف في طرق و أساليب التعبير و التسيير، فكثيرا ما تكون الإشاعة الكاذبة ضد شخص ما مهما كانت صفته بمثابة الحريق الذي يأتي على الأخضر و اليابس، وما تخلفه من مشاكل خطيرة ليست على الشخص وحده المراد ضرب مصداقيته أو تشويهصورته، و إنما على الجماعة كلها سواء كان حزب أو مجتمع، و قد تمرغ سمعتهما الاثنانفي وحل الأرض، لأن المشوشين تجاوزوا الخطوط الحمراء بأخطائهم و ضرب خصومهم، الأمرالذي جعل حزب جبهة التحرير الوطني كنموذج يكون موضع انتقادات الأحزاب الأخرى و حتىمن الذين خرجوا من رحمه، و أصبحوا يطالبون بوضعه في المتحف.
و الحقيقة أن الصراع داخل الأفلان تحركه وتغذيه أيادي من داخل الحزب نفسه، و يريد أصحابه صب الزيت على النار و إشعال فتيلالفتنة، و هم يدركون أن هذه السلوكات ليست في صالح الحزب و لا في صالح الوطن، أمامالتطور التكنولوجي الذي يحول في ثانية واحدة العنب زبيبا و الكروم خمرا كما يقال،و خير دليل ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل الحراك الشعبي الذي تشهدهالساحة و خروج الشعب إلى الشارع في مسيرات، تستغل أطراف حاقدة هذا الوضع لكي تبتكر الإشاعات لتزرع بذور “القطيعة” ، ما هومعروف أنه غالبا ما تأتي الإشاعة من أشخاص اعتادوا على التشويش و الطعن فيالآخر من الظهر، و يحاولون تغليط الرأيالعام ، و يستعملون مواقع التواصل الإجتماعي لترويجها ، إدراكا منهم أن المجتمعيعيش أزمة فكرية و أخلاقية و ما زال يطبع عليه العجز الفكري و التخلف الحضاري،لأنه يصدق كل ما يقال أو يسمعه، و يمكنالقول أن ” المُشَوِّشُونَ” في طبعهم لا يمكنهم العيش دون إثارةالبلبلة و نشر الإشاعة الكاذبة و تسريبهم أخبار يتخذونها كلعبة سياسية أو ورقة ضغطعلى الآخر، في ظل الشرخ السياسي و النظامي الذي تعيشه الأحزاب السياسية في الجزائر، و إن كانت الإشاعة الكاذبة جريمة يعاقب عليها القانون، فهي تتطلب في بعض الأحيانجهدا فكريا، فالذين ينامون على الإشاعة الكاذبة و يستيقظون عليها يظنون أنهم قاموابعمل بطولي يثنون عليه أو قد يدخلهم التاريخ.
و إن كانت الإشاعة الكاذبة قد تغير الكثير منالمواقف و القرارات، لكنها لا تسير في نهج “التغيير” الإيجابي الذي يطمحله الشعب أو المناضلين في الأحزاب و التنظيمات و المجتمع المدني، في بناء مجتمعراق متحضر، و لهذا يمكن القول أن الذين يصدرون الإشاعات الكاذبة أغبياء بامتياز، حتىلا نقول مجرمون، لأنهم يحملون معها الكثير من المآسي الاجتماعية و السياسية ، ونتائجها لا تعود على الشخص فقط و إنما تلحق الضرر بالدولة و تلحق العاربتاريخها و سيادتها، و هم بذلك يعانون من “أنيميا” فكرية، بل فقراءفكريا ، و هذا الفقر كما قال فيه الشيخ الغزالي أسوأ عقبى من الفقرالمالي ، و “الشعب الذي يعاني من الغباء و التخلف لا يستطيع حمل رسالة كبيرة “، فكم من إشاعةتحولت الى قضية أمام المحاكم و حوكم من ابتلع سمومها و مخترعوها يتفرجون، و علاجالإشاعة لا يحتاج الى دراسات سوسيونفسية أو اجتماعية و إنما يحتاج الى انقلابفكري، طالما مخترع الإشاعة الكاذبة يطبق مقولة: “أنا و بعدي الطوفان”.
هذه رسالتي للذين يعانون من”أنيميا” فكرية
علجية عيش
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.